RAFALE: النجاح الكبير

مع سبعة عملاء تصدير أبرموا عقوداً للحصول على هذه المقاتلة منذ العام 2015 فضلاً عن طلبية محلية إضافية في المستقبل المنظور.
بعد أكثر من 25 عاماً على مهامها العملانية، تُحقّق مقاتلة Rafale من صنع شركة Dassault Aviation الفرنسية نضجاً كافياً لتتحوّل إلى منصة قتال أكثر اقتداراً، تلك التي باتت بعد انطلاقة بطيئة مدروسة تحظى الآن بنجاح قوي في مبيعاتها الدولية.
وتُظهر بيانات شركة «سير­يوم» Cirium لِـ «التحليلات الخاصة بالطيران» للأساطيل الجوية أنّه كان هناك نحو 243 مقاتلة Rafale في الخدمة الفعلية حتى 25 نيسان/ أبريل من هذا العام، تُشغّلها خمس دول هي مصر، وفرنسا، واليونان، والهند وقطر.
وخلال  الـ  12 شهراً الناجحة التي يشير إليها المصنّع الفرنسي بـ «العام التاريخي»، أي في العام 2022، أعلنت هذه الشركة عن عقود سارية المفعول مع ثلاثية من المستحوذين للاستحصال على ما مجموعه 92 مقاتلة Rafale. ويشمل إجمالي هذا العدد 80 مقاتلة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والمقاتلات الست الأولى من أصل الـ 42 المقرّرة لأندونيسيا، ودفعة أخرى من ست مقاتلات مشيّدة حديثاً لليونان.

عملاء متعدّدون

سلّمت الشركة أيضاً دفعة مشتركة من 13 مقاتلة تصدير إلى كُلٍّ من اليونان والهند وقطر في خلال العام الفائت، إضافة إلى المقاتلة الأولى التي قدّمت إلى «سلاح الجو الفرنسي» منذ تشرين الثاني/نوفمبر العام 2018. وقد استند الاشتقاق الثنائي المقاعد B359 إلى طلبية الإنتاج للدفعة الرابعة من 60 طائرة المخصصة لفرنسا، تلك التي من المقرر أن تُستكمل عمليات تسليمها في العام 2025.
ومع نهاية العام 2022، شمل مجموع الطلبيات للحصول على Rafale نحو 164 مقاتلة، من بينها 125 لعملاء التصدير و 39 للاستخدام المحلي.
ومن المتوقع أن يكون مجموع الإنتاج لهذا العام 13 وحدة في الإجمال، جميعها لسلاح الجو الفرنسي، لكن شركة Dassault تُخطط لتعزيز هذا الإنتاج إلى معدل قياسي قدره ثلاث مقاتلات في كل شهر بحلول منتصف هذا العقد، بغية مجاراة الطلب المُحلّق إلى مراقٍ جديدة.
ومقاتلة Rafale المجهّزة بمحرّكي Snecma M88، التي طُورت لملاقاة المتطلبات الفرنسية، تُنتَج بثلاثة اشتقاقات: اشتقاق C الأحادي المقعد، و B الثنائي المقعد لصالح سلاح الجو الفرنسي، و M الأحادي المقعد المتوافق تشغيلياً مع حاملات الطائرات. وقد حلّقت هذه المقاتلة للمرة الأولى كطائرة اختبار تكنولوجي في تموز/يوليو العام 1986، وهي قيد الإنتاج منذ أيار/مايو العام 1991.
وكانت البحرية الفرنسية قد استحصلت على مقاتلاتها النفاثة الأولى من طراز M في شهر كانون الأول/ديسمبر من العام 2000، وأدخلتها في خدمة السرب العام التالي. وهي تملك اليوم 41 مقاتلة منها في الخدمة الفعلية، مع اثنتين مقرّرتين بموجب عقد و 10 أخريات هي هدف مشتريات مستقبلية محتملة.
وهناك 93 وحدة من هذه المقاتلة في خدمة «سلاح الجو الفرنسي» حالياً، وفقاً لتقديرات Cirium: 53 من طراز B، و 40 من طراز C، مع 37 أخريات (6 طراز B و 31 طراز C) قيد الطلب. وهناك مقاتلتان من طراز C في الاحتياط.
ومن أجل دعم الأسطول الهجومي لدى فرنسا، تُشغّل وحدة اختبار الطيران Essais en vol لدى «وكالة المشتريات الدفاعية الفرنسية» (DGA) أيضاً خمس مقاتلات Rafale: ثلاث من طراز B، واحدة من طراز C وأخرى من طراز M.
ومما قد يدعم سجلّ مبيعاتها الجيد بالفعل، من المتوقع في وقت لاحق من هذا العام أن تُوقّع شركة Dassault على طلبية إنتاج الدفعة الخامسة لصالح فرنسا. ومن شأن هذه الدفعة التي ستشمل في الإجمال 42 مقاتلة، أن تُبقي الصناعة الفرنسية منهمكة في صنعها حتى تبدأ باريس باقتناء «مقاتلة الجيل الجديد» (NGF) التي تُصمّم لصالح فرنسا وألمانيا وإسبانيا، فيما ترأس Dassault تطوير المنصة. ومن المتوقع أن تبدأ عمليات الطراز الجديد المنشود في العام 2040.
في غضون ذلك، استحصل معيار التشغيل الجديد F4.1 لمقاتلة Rafale على المصادقة والتأهيل من قِبل «وكالة المشتريات الدفاعية الفرنسية» في منتصف آذار/مارس الماضي.
 

rafale-uae
تحديثات النظام

من بين التحديثات التي طالت قدرات المقاتلة، التي تمكنها من حمل ثلاث قنابل AASM زنة 1,000 كيلوغرام (2,200 ليبرا)، من صنع شركة «سافران إلكترونكس» Safran Electronics موجهة ليزرياً/ أو بنظام تحديد الموقع العالمي (GPS)، وكذلك تعزيزاتٍ على المستشعرات، وتحديثات على الاتصالات والحماية السيبرانية. وكذلك أيضاً فإن منظار «سكوربيون» Scorpion المركّب على خوذة من صنع شركة «تاليس» Thales، وتحسينات في «نظام إدارة الرمي» هي التي تتيح لمقاتلة Rafale أخرى أن تُوجّه صواريخ جو-جو في ما يتعدّى خط النظر من نوع MBDA Meteor.
وقالت وكالة DGA قبيل التجارب الاختبارية «الربيعية» على متن حاملة الطائرات «شارل ديغول» Charles de Gaulle: «بدأت الاختبارات العملانية من قِبل سلاح الجو والفضاء (الفرنسي) والبحرية الفرنسية في 3 آذار/مارس» الفائت.
وسيُصار إلى إعادة تجهيز كامل أسطول مقاتلات Rafale في الخدمة إلى مستوى المعيار الجديد، ذلك الذي سيُعتمد أيضاً في المقاتلات المشيّدة حديثاً.
لكنّ شركة Dassault عقب إدخال هذه المقاتلة في الخدمة الوطنية - بما في ذلك المشاركة في عمليات قتال ناجحة في أفغانستان وليبيا ومالي - لم تفلح على مدى سنوات في جهودها لبيع Rafale إلى عملاء خارج البلاد. لكنّ الوضع تغيّر على نحو دراماتيكي خلال الأشهر الأولى من العام 2015.
ففي شباط/فبراير من ذلك العام، أعلنت مصر عن استحواذها 24 مقاتلة من هذا الطراز، في أول نجاح دولي لها، أعقبه بعد شهرين فحسب التزام من قطر لشراء عدد مماثل من هذه المقاتلة النفاثة.
توزّعت مشتريات القاهرة الأولية بين 16 مقاتلة من طراز B وثمان من طراز C. واستُغلّت عمليات التسليم سريعاً إلى هذه الدولة العربية بدءاً من تموز/يوليو العام 2015، حيث تقوم شركة Dassault بتحويل الطائرات التي كانت قيد الإنتاج بالفعل لصالح فرنسا للتصدير. وجرى طلب 30 مقاتلة أيضاً في العام 2021 لـ «سلاح الجو المصري»، في توليفة تضم هذين الاشتقاقين.
وفي آذار/مارس العام 2023، أعلنت Dassault أن مقاتلة Rafale قد استكملت الـ 10,000 ساعة طيران الأولى في خدمة «سلاح الجو المصري» - وهو العدد التراكمي الأكبر حتى الآن لأي عميل تصدير لهذه المقاتلة.
وقالت Dassault: «يؤكد هذا الإنجاز المهم مدى تميُّز Rafale تكنولوجياً وعملانياً، وهو شهادة على جودة التدريب التي تلقّته الطواقم المصرية في فرنسا».
كما أنّ المُصنّع الذي شدّد على أهمية تأمينه طائرات للدعم خلال الخدمة، أشار بدوره إلى «المهارة الكبيرة لدى سلاح الجو المصري، الذي نفّذ تحوّل طيّاريه وأخصائييه الفنيين إلى تشغيل Rafale بكلّ سهولة وسلاسة».

سلاح الجو القطري

أمّا ثاني عميل تصدير لدى Dassault لمقاتلة Rafale فهو قطر التي ميدنت حتى الآن 36 مقاتلة منها، بعدما كانت قد زادت حجم طلبيتها الأولى عبر صفقة العام 2017 لتشمل 12 مقاتلة أخرى.
وبدأت عمليات التسليم إلى «سلاح الجو القطري» في شباط/فبراير العام 2019، حيث يملك هذا السلاح اليوم 27 مقاتلة أحادية المقعد سُميت محلياً بـ EQ، وتسع طائرات ثنائية المقاعد تحمل اسم DQ. والدوحة التي أرست برنامجاً طموحاً لتوسيع أسطولها من المقاتلات باستحواذها أيضاً على طائرات Boeing F-15QA و«يوروفايتر تايفون» Eurofighter Typhoon، تُخطّط لمضاعفة حجم أسطولها من هذه المقاتلات الفرنسية كخيار جديد.
 

نظام المهمة الخاص بطائرة Rafale لديه القدرة على دمج مجموعة متنوعة من الأسلحة الحالية والمستقبلية
الهند

عقب انهيار برنامج الهند «طائرة القتال المتوسطة المتعددة الأدوار» (MMRCA) المتعثّر، والتي كانت قد اختارت من خلاله مقاتلة Rafale ضمن خطة للاستحواذ على 126 مقاتلة، فضّلت الهند في العام 2016 شراء 36 مقاتلة جاهزة للخدمة. وقد كانت الخطة الأساسية لبرنامج MMRCA تلحظ إنتاج شركة Dassault للمقاتلات الـ 18 الأولى في فرنسا، بينما يتولّى شريك هندي محلي مسؤولية تجميع المقاتلات الـ 108 المتبقية في الهند.
وتؤكد الشركة أنه عقب عقد Rafale، تُسهم شركة Dassault Aviation وشركاؤها أيضاً في سياسة «صُنِعَ في الهند»، من خلال شبكة مشتريات وتدريب وتلزيم صناعي واسع النطاق تشمل عشرات من الشركات المحلية.
ووصلت الدفعة الأولى من خمس مقاتلات لسلاح الجو الهندي إلى قاعدة «أمبالا» Ambala الجوية في تموز/ يوليو العام 2020، وأُدخلت رسمياً إلى الخدمة أواخر ذلك العام. ويُميدن هذا السلاح حالياً 28 مقاتلة Rafale من طراز C وثماني من طراز B، وُزِّعت على سربين.
وفي فرصة محتملة أخرى لشركة Dassault، عبّر «سلاح الجو الهندي» عن الحاجة إلى الحصول على مقاتلات غربية جديدة إضافية، لكن يتعين على نيودلهي التقدم بطلبات عرض رسمية. ومن بين المقاتلات المحتملة المرشّحة لهذه المشتريات، F-15، و Eurofighter Typhoon، و F-21 من Lockheed Martin اشتقاقٌ مطوّر وفق طلب الهند من مقاتلة F-16، و«ساب غريبن» Saab Gripen.
 

البحرية الهندية

تسعى شركة Dassault أيضاً وراء مطلب البحرية الهندية للحصول على 57 مقاتلة تنطلق من على متن حاملات طائرات. ففي خلال معرض «ايرو إنديا» Aero India في «بنغالورو» خلال شهر شباط/فبراير الماضي، عرضت الشركة مجسّماً بالحجم الحقيقي لمقاتلة Rafale M، حيث تتطلّع لكسب عميلها الدولي الأول للطراز «البحري».
وفي منافسة حامية الوطيس مع المقاتلة الفرنسية، تسعى شركة «بوينغ» Boeing للحصول على طلبية هندية لمقاتلتها F/A-18F، بما قد يُشكّل نجاحها الأخير لهذا الطراز قبل وقف إنتاجه. وكانت Boeing قد أعلنت مطلع هذا العام أنها ستُسلّم آخر دفعة من مقاتلة «سوبر هورنت» Super Hornet في العام 2025، لكنها لفتت إلى أن أي نجاح مع عميل دولي قد يُمدّد هذا الجدول الزمني لنحو عامين آخرين.
وتشير هذه الشركة المنافسة لـ Dassault إلى العديد من المزايا التي ينفرد بها تصميم Super Hornet، بما في ذلك تصميم المقعدين، وهو مطلب أساسي للعميل الهندي - والقدرة على استخدامها توافقاً مع سفن البحرية الهندية. وقد أثبتت كل من هذه المقاتلة الأميركية و Rafale M جدارتهما في الانطلاق من على المدرّج الصعودي لحاملات الطائرات خلال تجارب في منشأة أرضية بمنطقة «غوا».
وفي هذا السياق أكد إيريك ترابيير Eric Trappier، المدير التنفيذي لشركة Dassault، قبيل معرض Aero India: «سنبذل كل ما في وسعنا لتطوير حضورنا الصناعي في هذا البلد الكبير وتلبية احتياجاته العسكرية، اليوم وغد».
 

اليونان

اختتم عميل تصدير آخر للمقاتلة الفرنسية، هو اليونان، في أيلول/سبتمبر 2020، عملية استحواذ سريعة للحصول على 18 مقاتلة Rafale، توزّعت مشترياتها بين 12 مقاتلة نفاثة مستعملة من مخزون «سلاح الجو الفرنسي» و 6 مقاتلات نفاثة جديدة. ونُقلت الطائرات الست المستعملة الأولى - التي ستُستبدل لدى «سلاح الجو الفرنسي» بأخريات حديثات - إلى قاعدة «تاناغرا» Tanagra الجوية في كانون الثاني/يناير العام 2022، وقد بلغ إجمالي ما استلمته اليونان 13 مقاتلة Rafale: تسع من طراز C وأربع من طراز B.
وكانت أثينا قد وقّعت في آذار/مارس العام 2022 للحصول على ست مقاتلات Rafale جديدة، من المقرر أن يتم تسليمها بدءاً من منتصف العام 2024.
 

استحصل معيار التشغيل الجديد F4.1 لمقاتلة Rafale على المصادقة و التأهيل من قبل "وكالة المشتريات الدفاعية الفرنسية" في منتصف آذار/مارس الماضيز
كرواتيا

وقّعت الشركة الفرنسية صفقة مقاتلات أخرى أيضاً في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2021 مع كرواتيا للحصول على 12 مقاتلة كانت سابقاً في خدمة «سلاح الجو الفرنسي».
وستستلم «زغرب» ثماني طائرات منها في العام المقبل، على أن تليها المقاتلات المتبقية خلال العام 2025. وستستبدل Rafale ما تبقى من مقاتلات Mikoyan MIG-21 الموجودة في الخدمة لدى هذه الدولة الأطلسية.

النجاح الأكبر مع الإمارات العربية المتحدة

لكنّ النجاح الأكبر لشركة Dassault كان حتى حينه مع مقاتلة Rafale تحقق في كانون الأول/ديسمبر العام 2021، عندما أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن طلبية مذهلة للحصول على 80 وحدة منها. وكان التزامها هذا قد كُشِف النقاب عنه بعد شهر من انعقاد «معرض دبي للطيران 2023» Dubai Air Show 2023، حيث سادت توقعات حول احتمال اختيار Lockheed F-35 والطائرة الأحدث تطوراً RAC MIG-75 Checkmate.
وصفقة الإمارات العربية المتحدة التي قُيَّمت في باريس بنحو 16 مليار يورو (نحو 17.5 مليار دولار)، أصبحت سارية في نيسان/أبريل العام 2022 مع استلام الدفعة المالية التعاقدية الأولى من أبو ظبي. ومن المقرر أن تبدأ عمليات تسليم المقاتلات بمعيار F4 بين عامي 2027 و 2031.
وتضمنت مشتريات الإمارات العربية المتحدة المُرافقة حزمة أسلحة وذخائر مكثفة تُقدّر قيمتها بنحو 2 مليار دولار من شركة «مبدا» MBDA المزوّد الرئيسي للصواريخ في أوروبا.

الباب
تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2023
رقم الصفحة
3

أخر المقالات