الأسطول الروسي في بحر البلطيق يُرسِي توازناً بمواجهة الحضور الأطلسي المتنامي

كان الأسطول الروسي في بحر البلطيق قبل عشر أو خمس عشرة سنة، «الوليد المُهمَل» للأسطول السوفياتي في بحر البلطيق، عبارةً عن تشكيلة سفن مما تبقَّى من قوة الأسطول الأخير، وأبعد ما يكون عن القوة البحرية الحديثة. وعلاوة على ذلك، لم تكن هيكلية هذه التشكيلة وسفنها الحربية ومنصّاتها البحرية مدعومة بمفهومٍ قتالي، أو عقيدة عسكرية محدّدة بوضوح. لكنّ هذا الوضع تغيَّر دارماتيكياً مع مطلع العام الفائت، حيث يخضع «الأسطول البلطيقي» لعملية تحديثٍ لمواجهة الحضور المتوسِّع لحلف شمال الأطلسي «الناتو» في المنطقة، وهذا ما أضاء عليه الصحافي الدفاعي الدولي الدكتور نيكولاي نوفيتشكوف، في نشرة «مريتايم سيكيورتي أند ديفنس».

مسؤوليات أسطول البلطيق

يقع مقرّ أسطول البلطيق في كالينينغراد مع وجود قاعدته الرئيسية في «بالتيسيك». وتضمّ التشكيلة أيضاً «قاعدة لينينغراد البحرية»، مع تركيزٍ عملاني على [المدينة والقاعدة البحرية في جزيرة «كوتلين» غربي بطرسبيرغ] «كرونستاديت» Kronstadt. ومن بين مسؤوليات الأسطول الرئيسية: صَوْن المصالح الروسية في منطقة البلطيق؛ وحماية «المنطقة الاقتصادية الحصرية» فضلاً عن البُنية التحتية الصناعية؛ والتصدّي للنشاطات غير الشرعية؛ وتوفير الملاحة الآمنة؛ والعمل مع القوات الأخرى في البحرية الروسية وعلى الأخص «قوة المهام الخاصة» لشمال الأطلسي في «الأسطول الشمالي»؛ ودعم أهداف السياسة الخارجية الروسية عبر محيطات العالم.
وفي ظل نواحي الضعف المحتملة في منطقة كالينينغراد، فإنّ حمايتها تُشكِّل حتماً جزءاً أساسياً من مسؤولية الأسطول. فإلى جانب عناصر أخرى من الهيكلية الدفاعية المتكاملة فإنّ مهمّته الأساسية هو منع الهجمات على أهداف عسكرية وبُنية تحتية حسّاسة في أنحاء المنطقة، خصوصاً في الأيام الأولى الحاسمة لأي نزاع. ومع ذلك، فإنّ للأسطول البلطيقي آفاقاً جغرافية واسعة جداً. وأوضح القائد الأعلى للبحرية الروسية نيكولاي يفمينوف Nikolay Yevmenov أنّ هذا الأسطول هو التشكيلة البحرية الطليعية في مواجهة القوّات المسلّحة الغربية ذات الحدود المشتركة مع روسيا، وأضاف: «إنّ الأسطول البلطيقي متطوِّرٌ وقادر على توفير الحماية ضدّ التهديدات البحرية ضمن نطاقه العملاني بعيداً عن قواعده الأساسية. ويقوم بحّارة هذه التشكيلة اليوم بتنفيذ الأهداف الأكثر تحدّياً بنجاح بالتعاون مع قوات الأساطيل الأخرى للبحرية الروسية، بما في ذلك قوة المهام الخاصة للقطاع العسكري في مياه البحر الأبيض المتوسط».
 

إحدى الفرقاطات الروسية أثناء عبورها قناة السويس في طريقها إلى بحر البلطيق
هيكلية الأسطول البلطيقي

يتألف «الأسطول البلطيقي»، التابع إدارياً لـ «المنطقة العسكرية الروسية الغربية»، من تشكيلة متوازنة من القوات المشتركة، ويشتمل على قوات بحريّة، وطيران بحري، وشبكة دفاع جوّي، ووحدات عسكرية للدفاع عن الساحل والمناطق ومنصّات دعم لوجستي. وتُحافظ جميع وحدات هذه التشكيلة على درجة عالية من الجهوزية. ويحتفظ الأسطول البلطيقي بمنشآتٍ مهمّة لدعم دوره الطليعي كقاعدة تدريب رئيسية لمجمل البحرية الروسية.
ولا تُحبِّذ معظم السيناريوهات العسكرية في منطقة البلطيق استخدام سفن سطح كبيرة. وبدلاً من ذلك، يُعتَبر بحر البلطيق مسرحاً يُمكن لسفن خفيفة فيه إنجاز مجموعة واسعة من المهام بنجاح من دون الاعتماد على دعم منصّات بحريّة كبيرة وغوّاصات عاملة بالطاقة النووية. ومع ذلك يبقى الدعم الجوّي مسألة أساسية وحيوية.
ويضم الأسطول الروسي البلطيقي حالياً السفن الرئيسية التالية:

يخضع «الأسطول البلطيقي» لعمليةٍ تحديثٍ لمواجهة الحضور المتوسِّع لحلف شمال الأطلسي «الناتو» في المنطقة
سفن سطح قتالية:

مدمِّرة من طراز Project 956 Destroyer (المعروفة لدى الأطلسي بتسمية: فئة SOVREMENNY): تحت مسمى NASTOYCHIVIY
• فرقاطتان طراز Project 11540 (فئة NEUSTRASHIMYY): NEUSTRASHIMYY و YAROSLAV MUDRIY
• أربع فرقيطات طراز Project 20380 (فئة STREGUSHCHIY): STREGUSHCHIY، و SOOBRAZITELNIY، و BOIKIY و STOIKIY
• ثلاث فرقيطات طراز Project 22800 (فئة Karakurt): MYTISHCHI، و SOVETSK، و ODINTSOVO
• فرقيطتان من طراز Project 21631 (فئة Buyan-M): ZELENIY DOL و SERPUKHOV
• أربعة زوارق صاروخية طراز Project 1234.1 (فئة Nanuchka III): ZYB، وGEISER، و PASSAT و LIVEN
• ست سفن للحرب المضادة للغوّاصات (ASW) صغيرة من طراز Project 1331M (فئة Parchim): URENGOY، و ZELENO-DOLSK، و KAZANETS، و ALEKSIN، و KABARDINO-BALKARIA و KALMYKIA
 

سفن برمائية رئيسية:

ستة زوارق صاروخية من طراز Project 1241 (فئة Tarantul)
 • أربع سفن إنزال كبيرة طراز Project 775 (فئة Ropucha): MINSK، و KALININGRAD، و ALEKSANDR، و SHABALIN و KOROLYOV
• سفينتا إنزال تعملان بالوسادة الهوائية طراز Project 12322 (فئة Pomomik):EVGENIY KOCHESHKOV و MORDOVIA
ومن بين الوحدات المهمّة الأخرى «سفينة الإجراءات المضادة للألغام» (MCMV) طراز Project 12700 (فئة Alexandrite): ALEXANDER OBUKHOV، وعشر كاسحات ألغام ساحلية وشاطئية، وغيرها من زوارق الإنزال وزوارق الدورية السريعة، فضلاً عن التشكيلة الاعتيادية لسفن الدعم اللوجستي وقوارب القطر. وكان «الأسطول البلطيقي» قد تلقّى في العام 2020 زورق الإنزال السريع الأول طراز Project 02510 (BK-16) وتوالى تسليم العديد من هذه الزوارق منذ العام الفائت.
تتمثَّل إحدى نواحي الضعف في النقص بعدد المنصّات الحربية التحتمائية حيث إنّ الأسطول يُشغِّل حالياً غوّاصتَين من طراز Project 877 (فئة Kilo):DMITROV و ALROSA. ومع ذلك تتوقّع مصادر في الصناعة أن يتلقّى هذا الأسطول منصّتَين جديدتَين من طراز Project 677 (فئة Lada): KRONSTADT و VELIKIYE LUKI، الجاري بناؤهما حالياً في أحواض بناء السفن الأدميرالية «يونايتد شيب بيلدينغ كوربورايشن» United Shipbuilding Corporation في سانت بطرسبيرغ. كما عُلِمَ أنّ البحرية الروسية تبحث إنشاء غوّاصات إضافية من طراز Project 636.3 (فئة Kilo محسّنة) مسلّحة بنظام الصواريخ KALIBR (المعروف لدى «الناتو» بتسمية SS-N-27 Sizzler) - العامل بالفعل لدى «أسطول البحر الأسود» و«أسطول المحيط الهادئ» - لصالح الخدمة في «الأسطول البلطيقي».
 

سفينة الحرب المضادة للغوّاصات (ASW) من طراز Project 1331M (فئة KAZANETS)
تحديث

وفقاً للقائد الأعلى للبحرية الروسية نيكولاي يفمينوف، سيتواصل تعزيز «الأسطول البلطيقي» بسفنٍ حربية جديدة إذ إنّ روسيا تحاول أن تُرسِي توازناً في القوة الإقليمية لصالحها. ومن بين المنصّات المهمّة الجديدة فرقيطات طراز Project 22800 المزوَّدة بأنظمة صواريخ KALIBR، وستحمل الأحدث منها الصاروخ المشترك الجديد PANTSIR-M وأنظمة مدفعية للدفاع عن قُرب.
ولا ينحصر التحديث في السفن الحربية، بل هناك إيلاءٌ خاص لتحسين «قاعدة بالتيسيك البحرية» Baltiysk Naval Base المُهمَلة منذ فترة طويلة. فمنشآت الرسو في القاعدة قد أُعيد ترميمها وتوسيعها بطولٍ إجمالي بلغ نحو 3 كيلومترات، حيث جرى تحسين وتمديد كابلات طاقة كهربائية جديدة وإمدادات مياه وشبكات اتصالات. وطالت التحسينات الأخرى تحسين ورش عمل الترميم والصيانة فضلاً عن منشآت دعم لوجستي محدَّثة. واستكملت المرحلة الأولى من برامج التحديث في العام 2020 فيما يجري العمل لاستكمال المراحل الأخرى. وسيُخفِّض برنامج التحديث من تعرُّض القاعدة البحرية للأحوال المناخية العاتية ويُحسِّن السلامة العملانية في الإجمال. وتُحسِّن المنشآت الموسَّعة أيضاً من قدرة موسكو على نشر قوّات بحريّة ضاربة بالقرب من حدود حلف شمال الأطلسي «الناتو» في منطقةٍ مهمّة استراتيجياً، ودعم قدرات المنصّات الجديدة الجاري الاستحواذ عليها.
وهناك ناحية مهمة أخرى لتحديث هذه القوة تكمن في طرح أنظمة أسلحة جديدة ذات صلة خاصة بمنطقة البلطيق، من بينها جيلٌ جديد من ألغام بحرية «ذكية» قادرة على التعرُّف إلى مختلف فئات السفن. وقد نُشِرَت هذه الألغام بالفعل من خلال فرقيطات طراز Project 21631 (فئة Buyan-M) خلال التمارين العسكرية، ما عزَّز من قدرات «منع الدخول/المنطقة المحرّمة» A2/AD. وترتبط هذه الألغام الجديدة بمفهومٍ محسَّن لحقول الألغام البحرية «الذكية» التي ستُغيِّر فعلياً الاعتماد على نوع التهديد الداهم. وهذا النظام العامل تحت مظلّة نظامٍ تشبيكي من المستشعرات الموجهة من قِبَل وحدة «قيادة وسيطرة»، يسمح بمَنْح الأولوية للتصدِّي للسفن الحربية الأكثر أهميةً لدى العدو. فعلى سبيل المثال، يمكن توجيه حقل الألغام لتدمير سفن الإنزال المحمَّلة فقط فيما تتجاهل تلك الفارغة أو تتغاضى عن «سفن الإجراءات المضادة للألغام» MCMV لكنها تُدمِّر سفن سطح حربية كبيرة. ويُعتَقد أنّ هذا النظام يعمل على أساس مكتبة برمجية من البصمات الصوتية يمكن الوصول إليها من خلال عملية التعرُّف إلى الهدف، والتمييز بين مختلف السفن مع احتمالية عالية لتحقيق النجاح. ويمكن زرع الألغام بمجموعاتٍ أو فُرادَى كما يمكن نشرها عبر مجموعة واسعة من المنصّات البحرية.
وقد أُدمِجَت فرقيطات من طُرُز Project 20380، و 22800، و 21631 في شبكات الاستطلاع والعمليات الضاربة لدى الجيش الروسي لتعزيز قدرة «الأسطول البلطيقي» على توفير دعمٍ ناري عن كثب للقوّات البرّية. ويمكن الاستحصال على المعلومات الخاصة بالهدف، على سبيل المثال، عبر «عربات جوّية غير آهلة» (UAV) من نوع FORPOST مرتكزة أرضاً، ومن ثمّ إرسال تلك المعلومات عبر قنوات اتصال رقمية. ومن خلال استخدام نظام القيادة والسيطرة والاتصال STRELETS (الرَّامي) يمكن للمُشغِّل أن يُعيِّن ببساطة الهدف على منضدته الشخصية وأن يستدعي قصفاً مدفعياً أو ضربةً صاروخية. وممّا يُميِّز تمارين «الأسطول البلطيقي» هو تحقيق الترابط بين أطقم السفن الحربية وعربات FORPOST UAV الجوّية لمراقبة ورصد وتعقُّب وتدمير أهدافٍ محتملة.

«سفينة الإجراءات المضادة للألغام» (MCMV) طراز Project 12700 (فئة Alexandrite): ALEXANDER OBUKHOV
منصّات بحريّة وجوية

تخضع القوات الجوّية ووحدات حماية الساحل التابعة لـ «الأسطول البلطيقي» أيضاً لعملية تحديث. وبحسب قائد «الأسطول البلطيقي» الأدميرال ألكسندر نوساتوف Alexander Nosatov فإنّه: «على مدى السنوات القليلة الماضية تبنّينا أنظمة الدفاع الصاروخي الساحلي النقّالة BAL (المعروفة لدى حلف الناتو بتسمية SCC-6 Senight) و BASTION (المعروفة بتسمية SCC-5 Stooge)، وكذلك الصواريخ البالستية التكتيكية ISKANDER-M (المعروفة بتسمية SS-26 Stone)، وصورايخ الدفاع الجوّي S-400 TRIUMPH (المعروفة بتسمية SA-21 Growler)، وأنظمة صواريخ مضادة للسفن عن قُرب CIWS ذاتية الحركة PANTSIR-S (المعروفة بتسمية SA-22 Greyhound)، والعربات الجوّية غير الآهلة FORPOST UAV، والطائرات المقاتلة المتعدّدة الأدوار Sukhoi Su-30SM (المعروفة بتسمية Flanker-H)، والطوّافات القتالية Kamov Ka-27M (المعروفة بتسمية Helix-A)، و KA-29 (المعروفة بتسمية Helix-B)، من بين أنظمة أسلحة أخرى غاية في التطوُّر».
وتُشكِّل وحدات الدبّابات التابعة لـِ «الأسطول البلطيقي» جزءاً مهمّاً من قوّاته البرّية. فقد بدأ الأسطول بتسلم دبّابات القتال الرئيسية T-72B3M المحدّثة، مع إعادة تجهيز «الفوج المدولب السابع» (7th Motor Rife Regiment) و«اللواء المستقلّ الـ 79» (79th Independent Brigade). وشَهِد العام 2020 تسليم 30 دبّابة T-72B3M إلى منطقة كالينينغراد وقد استُكمِلَت هذه العملية كما كان متوقَّعاً مع نهاية العام الفائت.
وإضافةً إلى سفن السطح الحربية المسلّحة بصواريخ، فإنّ لدى «الأسطول البلطيقي» وحدتَي صواريخ مرتكزتَين أرضاً هما: «لواء الصواريخ لخفر السواحل الـ 152»  152nd Guards Missile Brigade المجهَّز بصواريخ ISKANDER-M، و«لواء الصواريخ الساحلية الـ 25» 25th Coastal Missile Brigade مع نظامَي BAL و BASTION. وبإمكان هذه الأسلحة الاشتباك مع سفن العدو على أمداء بعيدة تصل إلى 500 كيلومتر. وتمّ أيضاً تعزيز وحدات المدفعية التابعة لـ «الأسطول البلطيقي» بأسلحة ميدانية تشمل راجمات الصواريخ URAGAN، والأنظمة المدفعية MSTA و PION، والصواريخ الموجَّهة المضادة للدبّابات ذوات الدفع الذاتي KHIRSANTEMA (المعروفة بتسمية AT-15 Springer).
 

عُلِمَ أنّ البحرية الروسية تبحث إنشاء غوّاصات إضافية من طراز Project 636.3 (فئة Kilo محسّنة) مسلّحة بنظام الصواريخ KALIBR لأجل الخدمة في «الأسطول البلطيقي»

ويحتضن جيب كالينينغراد شبكة دفاع جوّي متعدّد الطبقات ترتكز على «فرقة الدفاع الجوّي الـ 44» 44th Air Defence Division. وتضمّ هذه الفرقة فوجاً لنظامَي الدفاع الجوّي S-300 و S-400، وفوجاً مجهَّزاً بصورايخ S-300V4. ووفقاً لمعلوماتٍ متداوَلة، جرى نَشْر ثماني بطاريات صواريخ S-300 و S-400 وبطاريتَي صواريخ S-300V4 في منطقة كالينينغراد، لتأمين مستوى من الدفاع الجوّي لا يُضاهيه سوى مناطق الدفاع الجوّي حول موسكو وسانت بطرسبيرغ. وتخضع أنظمة الدفاع الجوّي التكتيكية لـ «فوج الدفاع الجوّي الـ 22»  (22nd Air Defence Regiment) المجهَّز بنظام الدفاع الجوّي القصير المدى TOR-M2 (المعروف بتسمية SA-15 Gauntlet). وعُلِمَ أنّ نظام الدفاع الجوّي REDUT المركَّب على متن فرقيطات طراز Project 20380 المتدرّجة البناء قد تمّ دمجه في شبكة الدفاع الجوّي لهذه المنطقة.
وتؤمِّن «فرقة الطيران الـ 132»  132nd Aviation Division منصّات الطيران البحري لدى «الأسطول البلطيقي»، وهي تضمّ مقاتلات، وأفواج للهجوم الجوّي وطوّافات. ومن بين أنواع الطوّافات المستخدمة هناك Ka-27 (Helix) و Mil Mi-24 (Hind) و Mi-8 (Hip). وجرى تسليم طوّافات Ka-27M المحدّثة خلال العام 2020 وأعقبها تسليم الطوّافات الأحدث Ka-52 (Hokum-B) و Mi-28N (Havoc-B). ويصعب رصد الغوّاصات في بحر البلطيق بسبب التباين الكبير في أعماق المياه هناك؛ لكنّ أجهزة السونار الصوتية الغاطِسة لطوّافات Ka-27M تتيح إجراء الرصد في جميع الأحوال الطوبوغرافية تقريباً.
وتستفيد الأنظمة الدفاعية في المنطقة أيضاً من إحدى وحدات «الحرب الإلكترونية» EW  الأكثر اقتداراً في روسيا وهي «مركز الحرب الإلكترونية المستقلّ 841» Independent Electronic Warfare Center. وفي أواخر العام 2018، تمّ نَشر نظام التشويش MURMANSK-BN في هذه المنطقة. ويُعتَقد أنّ نظام التشويش المذكور الموضَّب في سبع شاحنات ثقيلة، قادرٌ على إخماد أنظمة العدو على مسافاتٍ تصل إلى 5,000 كيلومتر، وربّما يمتدّ هذا المدى إلى أكثر من 8,000 كيلومتر في بيئاتٍ مؤاتية. ويستخدم الجنود المنتشرون على الساحل أيضاً مجموعة من منصّات «الحرب الإلكترونية» الخاصة بهم. ووفقاً لوزير الدفاع الروسي، تُوفِّر معدّات «الحرب الإلكترونية» لدى «الأسطول البلطيقي» مجموعة كاملة من القدرات، تمتدّ من التشويش مروراً بجَمْع وتحليل البيانات المتلقّاة من معلومات المراقبة ومن أجهزة إرسال «التردُّدات العالية» (HF) و«التردُّدات العالية جداً» VHF.
ويجعل الموقع الجغرافي لمنطقة كالينينغراد في غرب روسيا منطقة أساسية لأنظمة المراقبة الرادارية، بما في ذلك رادار الدفاع الصاروخي VORONEZH-DM، وقد نُصِبَ مؤخّراً في هذا الجيب نظام راداري في ما يتعدّى الأُفق ذو مدى طويل جديد من نوع KONTAINER، يمكنه أن يرصد طائرات ومنصّات إطلاق صواريخ حتى مسافةٍ تصل إلى المملكة المتحدّة.
 

إضافةً إلى سفن السطح الحربية المسلّحة بصواريخ، فإنّ لدى «الأسطول البلطيقي» وحدتَي صواريخ مرتكزتَين أرضاً أحدهما: «لواء الصواريخ لخفر السواحل الـ «152  152nd Guards Missile Brigade المجهَّز بصواريخ ISKANDER-M
تدريبٌ وتمارين

إنّ تركيز منشآت أحواض بناء السفن الكبيرة التابعة لمؤسّسة United Shipbuilding Corporation في سانت بطرسبيرغ وكالينينغراد يعني أنّ العديد من سفن السطح الحربية التابعة للبحرية الروسية ستُنفِّذ تجاربها وتمارينها في بحر البلطيق. وبحسب القائد الأعلى للبحرية الروسية يفمينوف، فإنّ تأمين المساعدة باختبار هذه السفن وإجراء التدريبات الخاصة بها هي من أبرز مهام «الأسطول البلطيقي».
والجزء المهم في إعادة إحياء وتعزيز قدرات «الأسطول البلطيقي» هو توسيع نطاق التدريب الأساسي والعملاني بعدما شَهِدَ إهمالاً عقب الحقبة السوفياتية. وأكثر التمارين التدريبية أهميةً هو سلسلة التمارين السنوية «أوشين شيلد» Ocean Shield، التي تجرى مباشرةً عقب احتفالات «يوم البحريّة» في شهر تموز/يوليو من كلّ عام. وعادةً ما تضمّ تلك التمارين نحو 30 سفينة بحريّة فضلاً عن الطائرات، ومنصّات ساحلية ودفاع جوّي، وتتضمّن التمارين رمياً بالمدفعية ورمياً حيّاً بالصواريخ في عمليات مناورةٍ تشمل دفاعاً جوّياً، وقتالاً سطحياً وتحتمائياً وعمليات سفن برمائية.
 

تؤمِّن «فرقة الطيران الـ 132»  132nd Aviation Division منصّات الطيران البحري لدى «الأسطول البلطيقي»، وهي تضمّ مقاتلات، وأفواج للهجوم الجوّي وطوّافات على غرار طوّافات Ka-27M المحدّثة
الخاتمة

يمكن الاستبيان من المراجعة المُوجَزة أعلاه أنّه قد تمّ إحراز الكثير في السنوات الأخيرة لإعادة بناء قدرات «الأسطول البلطيقي» الروسي من أجل إرساء التوازن في مواجهة قوّات حلف شمال الأطلسي والقوّات الحليفة في هذه المنطقة. ونتيجةً لذلك، بات أمن منطقة كالينينغراد أكثر أهميةً بكثير ممّا كان عليه من قبل، خصوصاً بعد الغزو الروسي الأخير لأوكرانيا. ومع ذلك، فإنّ هذا الاعتزاز بالقدرات يبقى عملاً قيد التطوُّر والاستمرار. ووفقاً للقائد الأعلى للبحرية الروسية نيكولاي يفمينوف، فإنّ تحديث هذا الأسطول وإعادة تجهيزه بالأسلحة والعتاد الأكثر تطوُّراً سيستمرّ لسنواتٍ مقبلة، لتبقى جهوزيّته بمواجهة الأطلسي في البلطيق.

نصِبَت روسيا مؤخّراً نظام رادار في ما يتعدّى الأُفق ذا مدى طويل من نوع KONTAINER، يمكنه أن يرصد طائرات ومنصّات إطلاق صواريخ حتى مسافةٍ تصل إلى المملكة المتحدّة
تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2022
رقم الصفحة
42

أخر المقالات