نظام الدفاع الجوّي والصاروخي S-400 Triumph

تدرس دولٌ من بينها الصين، والهند، والمملكة العربية السعودية وتركيا الاستحواذ على نظام الدفاع الجوّي والصاروخي S-400 Triumf المطور في روسيا. أمّا الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي «الناتو» NATO - بالطبع ما خلا تركيا – لا ترغب في أنْ تحصل تلك الدول عليها، في حين أنّ الولايات المتحدة تدعم رفضها بتهديداتٍ مرفقة بعقوبات. وما من إعلانٍ أفضل لقدرات نظام S-400 من هذه المخاوف الأميركية، على الرغم من أنّ اعتبارات توازن القوى عسكرياً يتماهى بوضوح هنا مع الاعتبارات التجارية. وفي ظل هذه الوقائع، من الأجدى إلقاء الضوء على نظام السلاح هذا الذي جعل المخطِّطين الدفاعيين الأميركيين منشغلين بقدرته الصاروخية البعيدة المدى جداً المضادة للبالستيات والمضادة للقدرات الخفيّة.

نظام S-400 Triumf، المعروف لدى حلف «الناتو» بـ S-21 Growler، هو من إنتاج الشركة القابضة «ألماز-أنتاي» Almaz-Antey التي تملكها الحكومة الروسية وهو تطوُّر ثوري لنظام S-300. ويشتمل النظام الكامل على أربع مجموعات من مكوّنات أساسية من بينها «نظام إدارة القتال» BMS وصولاً إلى ست وحدات رمي، وتوليفة من الصواريخ البعيدة والمتوسطة والقصيرة المدى، ونظام دعم لوجستي، جميعها مركّبة على متن شاحناتٍ عسكرية ذات حركيّةٍ عالية على الطرق الوعرة.

نظام إدارة القتال

يُطلَق على «نظام إدارة القتال» BMS تسمية 30K6E ويشتمل على موقع قيادة 55K6E ورادار حيازة الأهداف 91N6E (تسميته لدى «الناتو» Big Bird). وبإمكان «نظام إدارة القتال» 30K6E الرقمي السيطرة على وحدات رمي الصواريخ مباشرةً أو من خلال كمبيوتراته الخاصة بإدارة القتال على متن النظام. وتشتمل تلك الوحدات أسلحة مرتبطة بنظام S-300 وأنظمة أسلحة دفاعية أقصر مدى ودفاع عن الموقع العسكري بما في ذلك نظام 9K330 Tor واشتقاقاته SA-15 من خلال موقع قيادة الدفاع الجوّي وكذلك النظام المدفعي والصاروخي المضاد للطائرات الذاتي الحركة 96K6 Pantsir S1. وباستطاعة النظام 30K6E أن يتبادل البيانات مع رادارات حيازة الأهداف الروسية الأخرى، و«أنظمة إدارة القتال» من بينها أنظمة K6E ومواقع قيادة دفاع جوّي أخرى، فضلاً عن مكوِّنات «نظام دفاع جوّي مدمج» IADS غير روسية لعملاء التصدير. ويقوم موقع القيادة 55K6E بجَمْع المعلومات من المكوِّنات ويتحكَّم بها في مجموعةٍ من بطاريات الصواريخ، ويمكنه أيضاً التحكُّم برادار Big Bird عبر نظام وصلة بيانات للقيادة والسيطرة والاتصالات. ويستوعب موقع القيادة، المدمج داخل حاوية مركَّبة على شاحنة، خمسة أعضاء من الطاقم: الآمر، ضابط إدارة الوضع الجوّي، ضابطان لإدراة الرمي، وضابط هندسة. ورادار 91N6E Big Bird، الذي طوَّرته شركة NIIP، هو رادار «صفيف مسح إلكتروني خامد» PESA كبير وبعيد المدى يعمل بالحيّز S جرى تطويره من رادار 64N6E Tombstone. وهو يشتمل على هوائيَين مركَّبين بنمط ظهرٍ إلى ظهر (Janus-faced)، وكلٌّ منهما يتضمّن صفائف من وحدات «تبديل المراحل» (phase shifters) وكذلك هوائي «تغذية إشارات بوقي أو قرني الشكل» (feed horn) مركَّب على طرف ذراعٍ بارزة، وجميعها مركَّبة فوق شاحنة MZKT-7930 ذات 12 عجلة. ويمكن لنظام الهوائي أن يلتف ميكانيكياً وأنْ يمسح في الارتفاع والاتجاه إلكترونياً. ويُدَّعَى أنّ مداه الأقصى يبلغ 600 كيلومتر ضدّ أهداف صاروخية بالستية، إضافةً إلى القدرة على رصد 300 هدف في آنٍ. ويُعتَقد أنّ فترة نَشْره هي نحو خمس دقائق.

S-400 Triumf
وحدات الرمي والصواريخ

تشتمل كلّ وحدة رمي 98Zh6E على رادار اشتباك متعدّد أنماط التشغيل 92N6E (تسميته لدى «الناتو» Grave Stone) وكذلك تضمّ 12 عربة «منصّة إطلاق منتصبة على متن شاحنة نقّالة» Transporter Erector Launcher (TEL) وكلٌّ منها تشتمل على أربعة صواريخ. ورادار Grave Stone هو رادار PESA عامل بحيّز I/J مركَّب على اشتقاق ثُماني العجلات من شاحنة MZKT-7930.  ويُوصَف بكونه تطويراً لرادار30N6E (تسميته لدى «الناتو» Flap Lid) مع معالجة للإشارة الرقمية تُمكِّن الرادار من توجيه الصواريخ إلى أهدافٍ على أمداءٍ تبلغ ضعف ما كان الرادار السابق قادراً عليه، وكذلك لتوجيه نحو 12 صاروخاً ضدّ ستة أهدافٍ في آن. وتشير التقارير إلى أنّ الهوائي البوقي الشكل المتعدّد النبض يُغذِّي صفيف الهوائي من الخلف. وصُمِّم الصفيف أيضاً لكي يتميَّز بحدٍّ أدنى من الحافات الجانبية من أجل خفض قابلية تأثُّر الرادار بأجهزة التشويش الضجيجي والصواريخ المضادة للرادارات. كما يمكن استخدام رادار Grave Stone مع رادار 96L6E (تسميته لدى «الناتو» Cheese Board) العامل بحيّز C لحيازة الأهداف على جميع الارتفاعات و/أو رادار «الموجة المضمَّنة المتواصلة ذات التردُّد المتقدّم» 76N6 FMCW (تسميته لدى «الناتو» Clam Shell) ضدّ أهدافٍ منخفضة الارتفاع. أمّا الأنظمة الأخرى المرتبطة بنظام S-400 فتضمّ مجموعة رادارات NNIIRT Protivnik GE المنخفضة الحيّز و VNIIRT Gamma DE العاملة بحيّز L. وإضافة إلى ذلك، تردَّد أنّ أنظمة التحديد الخامدة لموقع مصادر الانبعاثات 1RL220VE و 1L222 و 86V6 Orion قد أُدمِجَت أيضاً في نظام S-400، لتمدّه بالقدرة على حيازة الأهداف من دون إرسال أية إشارات رادارية من المجموعة المرتكزة أرضاً. أمّا الصاروخ الأحدث في هذه العائلة فهو Fakel 40N6E، وهو سلاحٌ زنة 1,893 كيلوغراماً مع مدى أقصى يصل إلى 400 كيلومتر (250 ميلاً)، وكذلك القدرة على الاشتباك مع أهداف على ارتفاعاتٍ تصل إلى 185 كيلومتراً (607,000 قدم) وسرعة قصوى تصل إلى 12 ماك، على الرغم من الاعتقاد السائد بأنّه قادرٌ على التصدّي لأهدافٍ أسرع على غرار الصواريخ البالستية (ويُحتمَل أيضاً الصواريخ الجوّالة الفائقة لسرعة الصوت) محلِّقةً بسرعة تصل إلى 14 ماك (11,000 ميل في الساعة). ويمكن لرأسه الراداري الباحث العمل بالنمط النصف نشط حيث يُوجَّه نحو الطاقة من رادارٍ مرتكزٍ أرضاً منعكِسَة من الهدف، وبالنمط النشط حيث يقوم رأسه الباحث بتوجيهه نحو انعكاسات الهدف من جهاز إرساله الخاص. ويُحلِّق الصاروخ 40N6E بمسرَى بالستي شاهق العلو إلى ارتفاعٍ أعلى من هدفه، ومن ثمّ ينقضّ عليه مستخدِماً رأسه الباحث النشط للبحث عنه، وهو تكتيكٌ يسمح له بتدمير الأهداف على ارتفاعاتٍ عالية ومنخفضة وعلى أمداءٍ بعيدةٍ جداً، وفقاً للمُصنِّع. وفي شهر تموز/يوليو من العام الفائت، أوردت وكالة أنباء «تاس» TASS أنّ روسيا قد استكملت تجارب على صاروخ 40N6E مع نظامS-400، ونقلت عن مصدرٍ رسمي لم تذكر اسمه قوله إنّ الاختبارات قد أُجريت في ميدان الاختبار «كابوستين يار» Kapustin Yar، وأنّ لجنة حكومية اعتبرتها ناجحة ووافقت عليها. وتوقَّع المصدر ذاته وفقاً لوكالة «تاس» قبول السلاح في الخدمة مع نهاية الصيف الماضي.

 S-400 Triumf ٍRadar System
قاتِل الـ AWACS

يُعتبر المدى البعيد لصاروخ 40N6E تهديداً رئيسياً للعديد من طائرات «الاستخبار والمراقبة وحيازة الأهداف والاستطلاع» ISTAR الكبيرة بما في ذلك «نظام إنذار وسيطرة محمول جواً» AWACS و«نظام رادار مهاجمة الهدف والمراقبة المشتركة» JSTARS، وطائرة «غلوبال هوك» Global Hawk ومنصّات دعم على غرار طائرات أجهزة التشويش التباعُدية وطائرات الصهريج لإعادة التزويد بالوقود جواً التي تعتمد على المسافات التباعُدية الكبيرة للحفاظ على سلامتها. وبما أنّ منصّات AWACS و JSTARS و Global Hawk وطائرات التشويش جميعها تُشغِّل رادارات ذات قوة عالية، فإنّ توليفة [مثل نظام S-400] تجمع أجهزة تحديد مواقع مصادر البث والانبعاثات الرادارية والصواريخ البعيدة المدى جداً إنّما تُشكِّلُ قلقاً بالغاً لتلك المنصّات. والتهديد الذي بذلك يطال طائرات الصهريج إنّما يحدُّ من المدى الفعّال للمقاتلات الخفيّة، وهو اعتبارٌ رئيسي دفعَ البحرية الأميركية إلى تحويل تركيز عربتها الجوّية القتالية غير الآهلة Stealthy UCAV الخفيّة من منصّة ISTAR إلى طائرة صهريج، ما أثمرَ منصّة MQ-25A. أمّا الصاروخان القصيرا المدى الموجَّهان براداري MD6N8 و 48N6E3، وهما أيضاً من Fakel، فيصل مداهما إلى مسافة 250 كيلومتراً (160 ميلاً) ويُحقِّقان سرعة تصل إلى 5.9 ماك (4,500 ميل في الساعة) وهما، على غرار 40N6E، قادران على الاشتباك مع أهدافٍ تتحرَّك بسرعة 14 ماك. ومع وزن إطلاق يبلغ 1,835 كيلوغراماً، بإمكان هذَين الصاروخَين أنْ يُوصِلا إلى الهدف رأساً حربياً زنة 180 كيلوغراماً. والاشتقاق 48N6E2 مماثلٌ، لكنّه ذو مدى أقصر يُقدَّر بـ 200 كيلومتر (نحو 120 ميلاً) أمّا السرعة القصوى للأهداف القادرة على الاشتباك معها فهي تقل عن 8.2 ماك (6,300 ميل في الساعة). وفي تشديدٍ على المرونة على أمداءٍ متوسطة، يتمكَّن صاروخا Fakel 9M96 و 9M96E2 بزنة 420 كيلوغراماً من نقل رأسٍ حربي زنة 24 كيلوغراماً ضدّ أهدافٍ تبعُد نحو 120 كيلومتراً وعلى ارتفاعاتٍ تصل إلى 30 كيلومتراً، وتحقيق سرعة قصوى تصل إلى 2.9 ماك (2,200 ميل في الساعة). ومع رأسٍ باحثٍ للتوجيه برادارٍ نشط صُمِّمَ هذان الصاروخان لتحقيق احتمالات إصابة عالية بصاروخٍ واحد ضدّ أهدافٍ سريعة ومناوِرة. أمّا احتمالات الإصابة المُعلَن عنها فهي 0.9 ضدّ طائرة تكتيكية آهلة، 0.8 ضدّ عربة جوّية غير آهلة UAV، 0.7 ضدّ صاروخ. كما أنّهما يملكان قدرة مضادة للصواريخ البالستية، حيث تمنحهما القدرة على المناورة بقوة  تسارُعيّة 20 g انعطافاً على ارتفاع 30 كيلومتراً احتمالية كبيرة للإصابة والتدمير ضدّ صواريخ بالستية قصيرة إلى متوسطة المدى. ومع رادارٍ نشط، وقدرات توجيه بصرية وبالأشعة تحت الحمراء التي توفّرها مختلف الرؤوس الباحثة، فإنّ صاروخ Fakel 9M96E زنة 333 كيلوغراماً، يُحقِّق سرعة 2.6 ماك (2,000 ميل في الساعة) مع رأس حربي زنة 24 كيلوغراماً وهو قادرٌ على الاشتباك مع أهدافٍ تبعد حتى 40 كيلومتراً وعلى ارتفاعاتٍ تصل إلى 20 كيلومتراً. أمّا الاشتقاقات ذات التوجيه البصري بالأشعة تحت الحمراء IR، فهي عند تسديدها برادار ذي طولٍ موجي طويل، قادرة على التوجيه والانقضاض والتدمير لأهدافٍ خفيّة. وبما أنّه ليس هناك من أنظمة متكافئة في الغرب، تُمثِّل أنظمة S400 مع صاروخ 40N6E على وجه الخصوص منافسة هائلة للمُصنِّعين الغربيين. فالصاروخ 40N6E بسرعته البالغة 400 كيلومتر يُحقِّق مدى أكبر بكثير من النظام الأميركيَ Patriot PAC-3 MSE والأوروبي Aster 30 SAMP/T القادرَين على الاشتباك مع أهدافٍ على أمداء تزيد عن 100 كيلومتر، وهو فارقٌ يجتذب كبار العملاء الدوليين.

 91N6E
طلبات دولية

مع مطلع شهر كانون الثاني/يناير، أعلنت الهند أنّها ستبدأ باستلام أنظمة S-400 في تشرين الأول/أكتوبر العام 2020. وستُجهِّز بها الفوج الأول من أفواج الدفاع الجوّي الخمسة التي من المقرَّر أنْ تُشغِّل هذا النظام، على أنْ تُجهَّز هذه الأفواج جميعاً بحلول نيسان/أبريل العام 2023. ويعقب ذلك صفقةً جرى توقيعها بحضور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نيودلهي في تشرين الأول/أكتوبر من العام الفائت. وقد هدَّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهند بعقوباتٍ في إطار خطتها «مواجهة خصوم أميركا عبر قانون العقوبات» CAATSA. ومع ذلك، أوردت صحيفة «تايمز أوف إنديا» في 13 نيسان/أبريل أنّ نيودلهي لا تزال تأمل بتمكُّنها من تفادي العقوبات، ناقلةً تعليقات عن وزير الدفاع الهندي نيرمالا سيثارامان الذي يقول فيها إنّ الإدارة الأميركية قد «سمعت وعلمت» بقرار الهند الاستحواذ على نظام S-400 لقاء 5.2 مليارات دولار. وقالت صحيفة «تايمز أوف إنديا» إنّ سيثارامان أخبر «وكالة الصحافة الفرنسية» AFP أنّ واشنطن أخذت في عين الاعتبار بأنّ الهند، التي تُجاور كلّ من باكستان والصين، احتاجت إلى أسلحة من روسيا، وغيرها من الدول، من أجل البقاء «شريك قوي»، مضيفاً أنّ المفاوضات التي أدّت إلى الصفقة كانت قد بدأت قبل وضع عقوبات CAATSA الأميركية. ومع ذلك، تذكر التقارير أنّ الولايات المتحدة أيضاً تُمارس ضغوطاً على الهند للاستحواذ على نظامٍ مختلفٍ بدلاً من النظام الروسي، وهي تعرض عليها «بدائل». وكانت الولايات المتحدة قد نفّذت عقوبات ضدّ الصين لشرائها أنظمة S-400 ومقاتلات Su-35S، وأعلنت عن عقوباتها التي تضمّ الحرمان من رخص التصدير والتعاملات مع النظام المالي الأميركي بموجب قواعد قانون CAATSA، وذلك في أواخر شهر أيلول/سبتمبر من العام الفائت. واستلمَت الصين أول أنظمة S-400 في كانون الثاني/يناير العام 2018 بموجب عقدٍ وُقِّعَ في العام 2015، واستلمت الأنظمة الأخرى بموجب هذه الصفقة في شهر تموز/يوليو من العام ذاته. وأعلنت بيجينغ إجراء اختباراتٍ ناجحة على النظام في أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر من قِبَل «قوة صواريخ جيش التحرير الشعبي» PLA RF الصيني، التي جرت قبل ذلك بنحو شهر. وأعلنت قوة «صواريخ جيش التحرير الشعبي» أنّها تمكّنت، انطلاقاً من موقعٍ غير مُفصَحٍ عنه، من إسقاط «هدفٍ بالستي مُحاكَى» على بُعد نحو 250 كيلومتراً، يتحرَّك بسرعة 3 كيلومترات في الثانية.

 موقع القيادة 55K6E
ضغوط على تركيا

لعلّ أكثر ما يُقلِق الولايات المتحدة هو قرار تركيا في العام 2017 الاستحواذ على هذا النظام. وتضع واشنطن ضغوطاً كبيرة على أنقرة للتراجع عن قرارها، بما في ذلك تهديدها بإنهاء مشاركة تركيا في برنامج «المقاتلة الضاربة المشتركة» F-35 JSF وهي ضغوطٌ تُقاوِمها تركيا. ومن المقرَّر أن تتسلم تركيا 100 مقاتلة F-35، وقد تدرَّب الطيّارون الأتراك على هذا الطراز من المقاتلات في الولايات المتحدة في حين أنّ الصناعة التركية تُزوِّد أنظمة فرّعية إلى هذا البرنامج، وجميعها بات مهدَّداً بسبب هذا القرار. وكان هذان البلدان يُفاوِضان على استحواذ تركيا على أنظمة دفاع جوّي أميركية لكن من دون طائل قبل القرار التركي بشراء S-400. وتذكر التقارير أنّ المفاوضات قد انطلقت من جديد، وأنّ الولايات المتحدة قد صادقت على بيع أنظمة «باتريوت» Patriot إلى تركيا. وأعلنت مؤسّسة تصدير الأسلحة الروسية «روس أوبورون إكسبورت» Rosoboronexport في شهر شباط/فبراير الماضي أنّها تُجري مزيداً من المفاوضات لتزويد المملكة العربية السعودية بأنظمة S-400. وتُشير التقارير الأولى أنّه قد تمّت الموافقة بالفعل على بيعها هذا النظام. وقد عبَّرَت المملكة العربية السعودية، على غرار جارتها الإمارات العربية المتحدة، عن اهتمامها بمقاتلة F-35، ما زادَ أكثر فأكثر من الانزعاج الأميركي حول استحواذٍ محتمل لنظام S-400. وأكثر ما يُقلِق الولايات المتحدة هي أنّ الدول التي تشتري هذا النظام وتُشغِّل في الوقت ذاته مقاتلات غربية، على الأخص F-35، قد تُسرِّب معلومات حول أمداء الرصد وبصمات الرادار إلى الروس إمّا عن قصد أو عن غير قصد. وعلاوة على ذلك، فإنّ احتمال قيام تقنيين وفنيين روس بصيانة هذه الأنظمة وبالتالي إتاحة الفرصة لها للوصول إلى بياناتٍ على «أنظمة دفاع جوّي غربية» Western IADS هو مصدر قلقٍ كبير للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي «الناتو». وستعتمد قدرة الغرب على مواجهة نظام S-400 بشدّة على ما تُجمِعه وتُحلِّله «أنظمة استخبارات الإشارة» SIGINT و«أنظمة استخبارات إلكترونية» ELINT، وكذلك الاستخبار الذي تُلقِّمه أو تُغذِّي به أنظمة «إجراءات الدعم الإلكتروني» ESM و«النظام البصري الإلكتروني ذو الفتحة الموزّعة» DAS، والإجراءات المضادة التي تُطوِّرها الصناعة والوكالات الحكومية. وهذا قد يكون صعباً جداً في الرادارات الحديثة المعرَّفة برمجياً، ومعظمها يتَّسِم بالمرونة في جميع معاييرها. ومهما يحدث في سوق تصدير أنظمة الدفاع الجوّي المشحونة سياسياً، فإنّ جميع الرادارات وأنظمة الاتصالات المرتبطة بنظام S-400 ستُشكِّل هدفاً رئيسياً للتجسُّس وجَمْع المعلومات لمنظّمات الاستخبارات التقنية الغربية.

-	عرض نظام S-400 Triumf في احتفالات يوم النصر الروسي في شهر شباط/فبراير الفائت
تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2019
رقم الصفحة
30

أخر المقالات