مناظير الرؤية الليلية: توجه نحو دمج تكنولوجيتي التكثيف الضوئي والتصوير الحراري

المترجم

تتألف التكنولوجيتان المستخدمتان في الرؤية الليلية من التكثيف الضوئي Image Intensification (I2) التي تقبل الفوتونات التي تحدث بصورة طبيعية في سماء الليل، ومن ثم تحولها إلى إلكترونيات، وتعيدها بعد ذلك إلى فوتونات حيث يتاح للجنود الرؤية أثناء الليل، والتصوير الحراري Thermal Image أو TI التي تتحسس الإشارات الحرارية أو الأشعة ما تحت الحمراء وتعطي تباين حرارة الأشياء شكل الصورة.

وهناك حسنات وسيئات في كلا التكنولوجيتين، وما دام هناك بعض النور، فإن تقنية I2 قادرة على رؤية كل شيء، بما في ذلك أجهزة التسديد الليزرية، ولكنها لا تستطيع اختراق الغبار والضباب أو العمل في حالة الرؤية صفر. وعلى الجانب الآخر، يتعذر على تقنية IR رؤية أجهزة التسديد الليزرية وتحتاج من أجل ذلك إلى مصدر حراري، ولكن باستطاعتها اختراق الغبار، والضباب والدخان. وبالتالي فإن أفضل أنظمة رؤية ليلية هي تلك التي تدمج التكنولوجيتين وعندها تسمح للمستخدم اختبار الصور أو مجموعة الصور التي يود رؤيتها.

التحسينات التي طرأت على عملية الدمج

خضعت هذه التكنولوجيات باستمرار إلى عمليات تحسين للأداء، وسهولة الاستخدام وتخفيضات في الحجم والوزن والطاقة Swap، كما أن الأنظمة الرائدة بدأت بإضافة بيانات وغيرها من المعلومات إلى الصور المدمجة وسبق ذلك أن أصبح باستطاعة بعض أنظمة الرؤية الليلية إرسال الصور إلى الأجهزة الأخرى عبر السلكي أو اللاسلكي (راديو).

وعلى سبيل المثال، تقوم شركة L3 Harris بتصنيع منتجات رؤية ليلية متقدمة اقتصرت معظمها على المناظير المركبة على الخوذ (جمع خوذة). وقال داريل هاكلر Darrell Hackler، المدير الأعلى لتطوير الأعمال الدولية في «هاريس» Harris (حالياً L3 Harris )، بأن الشركة رائدة في الأسواق العالمية وواحدة فقط من أصل اثنين من مصنِّعي المعدات الأصليين OEM في تصنيع أنابيبها للجيل الثالث بتقنية I2، ووصف ذلك بِـ «الوصفة السرية للرؤية الليلية».

وعلى الرغم من أن بعض المصنّعين ينسبون أنابيبهم إلى الجيل الرابع، فإن مختبر الرؤية الليلية التابع للجيش الأميركي أصر بأن هناك أنابيب تنتمي فقط للجيل الثالث.

HISS-XLR

وفيما تنتج L3 Harris الأنابيب والنظام الكامل لتقنية الرؤية الليلية I2، فإنها تستفيد أيضاً من تقنية التصوير الحراري. وعملت شركة Harris وسابقتها ITT Exelis منذ زمن بعيد في أنظمة الرؤية الليلية وتجاهد باستمرار لتصنيع أجهزة أخف، وأصغر، وأكثر توازناً وأقل استهلاكاً للطاقة.

وباستطاعة المناظير المدمجة الأحدث لدى Harris شبكها مع الأنظمة الراديوية ذات الأداء العالي الخاص بالشركة أو الفريق الثالث لإرسال وتلقي البيانات، وهذا يعني أن بإمكان المشغّلين تبييت الواقعية المعززة Augmented Reality في مناظيرهم للرؤية الليلية لتلقي الملاحة وغيرها من صور الإلمام بالوضع في أجهزتهم. إن هذا الدمج للأجهزة الراديوية أصبح متاحاً في العام 2017، وقال في هذا الصدد هاكلر إنها ستكون متوافرة في جميع معدات Harris المستقبلية. وباستطاعة الزبائن الاستحواذ على المناظير فقط أو نظام الراديو - المنظار المدمج بالكامل.

وعلى الرغم من القيود المفروضة على الصادرات، سُمح لِـ Harris بيع مناظير الرؤية الليلية إلى قوات حلف شمال الأطلسي NATO وغيرها من القوى، بما في ذلك بعض الزبائن في الشرق الأوسط. ولفت هاكلر إلى أن أذونات بيع المناظير في سوق الصادرات تنفّذ على قاعدة كل حالة على حدة الواحدة تلو الأخرى وتعتمد على شهادة الجدارة للمنتج وهو إجراء معياري لأداء أنظمة الرؤية الليلية.

منظار القنص

هناك أيضاً رائدٌ آخر في سوق الرؤية الليلة، ألا وهو «فلير سيستمز» FLIR Systems، الذي باشر بالطرفية الأخرى، أي أنظمة «التصوير الحراري» TI، وهو يقدم اليوم خطاً كاملاً لأنظمة I2، و IR ومناظير رؤية ليلية مدمجة للأسلحة، والتي صممت خصيصاً لقوات العمليات الخاصة، كما أكد ذلك آدام دي آنجيليس» Adam DeAngelis الذي خدم في السابق في مشاة البحرية الأميركية، وهو اليوم مدير التسويق الحكومي والدفاعي في الشركة.

تتضمن مناظير الأسلحة I2 الخاصة بِـ FLIR المنظارين PBS 22 و PBS 27. وكلاهما يُركّبان على أي سلاح مجهز بسكة بيكاتيني. وقدمت الشركة في السابق تصويراً بالفوسفور الأخضر، ويلقى المنظاران طلبات متزايدة لأجهزة تعمل بالفوسفور الأبيض. إن تركيب أنظمة الرؤية الليلية على امتداد خط مناظير الأسلحة النهارية يعني أن الأسلحة لا تحتاج لإعادة «تصفيرها»، ولا حتى استبدال هذه المناظير. ويعمل المنظار 22 PBS بقوة 1.81x، فيما يعمل الآخر أي PBS 27 بقوة 0.91x. أما منتج Flir الأكثر تراصاً فهو الطراز T9010 وهو منظار تكتيكي يعمل بتقنية I2 على المدى المتوسط.

منظار الرؤية الليلية S140D. الصورة: FLIR Systems

تنتج الشركة نوعين من أنظمة التصوير الحراري (الأشعة تحت الحمراء) الأول طويل المدى والآخر قصير المدى. وطور النظام HISS-XLR خصيصاً لقناصي قوات العمليات الخاصة. وهو منظار السلاح للمدى البعيد الممدد الأوحد في فئته، بحسب ما قال دي أنجيليس، الذي أضاف: «ويمكنه العمل حتى مدى 2 كلم أو أكثر».

وينتسب HISS الآن إلى الجيل الرابع، وبذلت FLIR جهوداً مضنية لجعل نظام التبريد أكثر كفاية من حيث الطاقة والهدوء. وكبقية أنظمة التصوير I2 الخاصة بمصنِّعي المعدات الأصليين OEM، يمكن شبكها بسهولة على سكة بيكاتيني وتعمل مع مناظير الرؤية النهارية، وهناك ميزة إضافية لنظام HISS وهو أن صوره الفيديوية يمكن إرسالها إلى منظار الاستطلاع الخاص بِـ FLIR، وبالتالي فإن مراقب الطلقات من فريق القنص بإمكانه أن يرى رؤيته الخاصة وتلك المرسلة من القناص.

صمم النظام HISS لأسلحة القنص ذات المدى البعيد. كما يمكن استخدامه على بنادق M4 و M16، على الرغم من أنه يبدو هزيلاً على هذه الأسلحة على المدى الأقصى. وصممت FLIR لهذه الأسلحة مناظير رؤية قصيرة المدى، على غرار T75، وهو نظام تصوير بالأشعة الحمراء مبرد يعمل لمدة تراوح بين 4 و 5 ساعات عند استخدام ثلاث بطاريات ليثيوم Lithium Batteries. ويمكن استخدامه في هذه الحالة كنظام مستقل بحد ذاته أو مقروناً بمناظير نهارية.

وقدمت FLIR في الآونة الأخيرة المنظار S140D، الذي يدمج صور الأشعة تحت الحمراء السوداء أو البيضاء مع صور I2 الخضراء أو البيضاء. ويقع على عاتق المشغلين الكيفية التي تتوافق فيها صور التكنولوجيتين، مستغلين بذلك قدرة IR للنظر خلال المعميات المختلفة أو قدرة I2 لتعريف الأهداف بتفاصيل أدق.

ويقوم مصنّعي OEM ببناء معدات الرؤية الليلية بأنفسهم، باستثناء أنابيب I2. وهناك قيود على هذه الأجهزة في سوق الصادرات ولكنها تخفف تدريجياً لإعطائها إلى دول حلف شمال الأطلسي وغيرها من الدول الصديقة للولايات المتحدة الأميركية.

مناظير الأسلحة الفردية ENGV III/ FWS-I. الصورة: BAE Systems

وقال دي آنجيليس بأن FLIR تعمل على تحسين مناظيرها على نحو متزايد من خلال جوانب عدة : أولاً العمل على تمكين الجندي من الوصول connected soldier للاستحصال على البيانات وإرسالها بسهولة إلى المشغلين، والرعائل القيادية المختلفة والقطع المختلفة للمعدات. ثانياً، تتطلع الشركة باستمرار إلى إجراء التوازن الصحيح بين الأداء من جهة والحجم والوزن والطاقة من الجهة الأخرى. وأخيراً، رغبتهم في رؤية معدات الرؤية الليلية ليس بإنتاج صور جيدة فحسب، بل أيضاً بتوريد دعم أفضل للبيانات لمساعدة المستخدم على اتخاذ قرارات إطلاق نار صحيحة.

وقدمت شركة «ب أيه إي سيستمز» BAE Systems للأنظمة الإلكترونية توليفة تجمع مناظير الرؤية الليلية ومناظير الأسلحة لتزويد الجنود الراجلين من عرباتهم بقدرات سريعة لحيازة الأهداف. سمي هذا الحل المدمج بِـ «عائلة محسنة من مناظير الأسلحة الفردية» ENGV III/ FWS-I، وهي تجمع تقنيتي I2 و IR لتزويد المقاتلين بأنظمة أفضل للإلمام بالوضع.

يتم جمع النظارة Goggle والمناظير لاسلكياً، لتمكين المشغلين توجيه السلاح من دون وضعه على الكتف. وتعني هذه الحيازة السريعة للأهداف أنه باستطاعة الجنود تحديد مواقع الأهداف والاشتباك معها من أي موقع من دون رفع السلاح للتسديد بالعين المجردة، ما يسهّل عمل المستخدم بأمان وإنما بقدرات أكثر فتكاً.

يتيح دمج تقنيات I2 و IR للمشغلين تعريف الأهداف والاشتباك معها ليلاً أو نهاراً وفي بيئة مكتظة بالدخان والغبار والسُّراب والضباب ENVG III/ FWS-I لدعم أنماط تشغيل مختلفة التي تعمل بمجرد لمس أو الضغط على الزر بما فيها نسيخة الصورة Image Overlay وصورة على صورة ورؤية منظار فقط. ويمكِّن البث اللاسلكي على المدى القصير عدة مستخدمين العمل عن قُرب من دون أي تداخل أو تشويش.

وفي أيار/ مايو 2018 وضع الجيش الأميركي طلبين بقيمة إجمالية بلغت 97 مليون دولار لحيازة معدات ENVG III/ FWS-I. وفي الشهر الذي تلاه اختارت إيطاليا شركة L3 Warrior Sensor Systems خط الدمج لمناظير الرؤية الليلية كجزء من جهود تحديث برنامج الجندي الإيطالي. ويصادف ذلك بأن تكون إيطاليا الدولة التاسعة في حلف شمال الأطلسي التي اشترت تكنولوجيا الدمج لدى L3. وتتضمن منتجات الشركة «نظام النظارة المدمجة» و«النظارة المدمجة المحسّنة» و«نظارة الرؤية الليلية المحسنة»، وتسمح تكنولوجيا الدمج للجنود الانتقال من شاشة الرؤية الحرارية IR إلى شاشة I2 التقليدية، أو جمع هاتين التكنولوجيتين من دون تغيير أو زيادة مكونات إضافية للنظارات.

Mini BNVD AAA 16mm

تسمح نظارة الدمج المحسنة للمشغلين تعديل الصورة المرئية من I2 %100 إلى %100 حراري، أو مزيج متنوع من الاثنتين أما النظارات فهي متراصة، خفيفة الوزن وذات هندسة تشغيل ملائمة تتناسب مع معايير أجهزة التسديد الليزرية الحرارية عن قرب. وبإمكان هذا النظام العمل مع أنظمة توجيه ليزرية مركّبة على السلاح والتي يمكن أن تكون إما محمولة باليد أو مركّبة على خوذة.

وفي شتى أنحاء السوق، توفر أجهزة الرؤية الليلية الآن مجموعة خفيفة من نظارات الرؤية الليلية ذات الأنبوب الثنائي وتشكل نظارات Mini BNVD AAA 16mm التي تزن 375 غرام النظارات الأخف وزناً في العالم والمشغّلة بالكامل بالأنبوب الثنائي بحسب ما قالت كاثرين زيلي Catherine Zile، مديرة التسويق في OEM.

تستخدم Mini BNVD مكثفات صورة فوتونية، ولديها عدسة تركيز بؤرية كاملة، ومضيء IR قابل للتزويم البؤري أيضاً.

وقالت زيلي بأن المكثفات الصورية لديها سلسلة طيفية لا مثيل لها تراوح ما بين الأشعة فوق البنفسجية و IR القريب. ويعمل نظام Mini BNVD ببطارية ليثيوم AAA التي يمكنها إمداد النظام بالطاقة لأكثر من 16 ساعة، وهناك أيضاً بطاريات قابلة لنزعها من علبة الطاقة تتألف من ثلاث بطاريات AAA لتشغيل نظارات الرؤية الليلية لأكثر من 60 ساعة.

يطفئ الجهاز أوتوماتيكياً عند وضعه على الخوذة بنقرة خفيفة إلى الأعلى ومن ثم يتم تشغيله بنقرة خفيفة إلى الأسفل. وكبقية النظارات الليلية، يمكن تحسين رؤية Mini BNVD في كلا الصورتين البيضاء أو الخضراء.

وبخلاف بعض النظارات الليلية، يمكن إبقاؤه مركباً على البندقية وفي هذه الحالة فإن المستخدم يرفع عُيينة واحدة إلى الأعلى واستخدام العُيينة الأخرى للرؤية من خلال المنظار النهاري.

مساعدة الطيار

تدفع الطلبات المتزايدة على أنظمة الرؤية الليلية من قبل قوات الوحدات الخاصة، أنبوب I2 والمستشعرات ذات الصلة نحو صور ذات استبانة أعلى بحسب تشاد فرانسيس Chad Francis، مدير الأعمال العسكرية في شركة noitaivA

)USA( detimilnU seitlaicepS . وينتقل إعداد الألوان من الفوسفور الأخضر P-43 إلى الفوسفور الأبيض P-45. ويرى فرانسيس طلبات متزايدة لأنظمة الرؤية الليلية المدمجة أكثر من مستشعرات وشاشات العرض المشبكة. وتتطلع قوات العمليات الخاصة إلى إلمام أفضل بالوضع والكشف الحراري، والتسديد على البقعة الليزرية، وفي بعض الحالات زج الواقعية المعززة في شاشات العرض الداخلية.

تؤثر جميع هذه التوجهات في الرؤية الليلية على المشغلين الأرضيين على الرغم من أنها لم تخضع أبداً للتطوير، واستناداً إلى ذلك فإن التصميم الأساسي لنظام تصوير الرؤية الليلية للطيار لم يطرأ عليه أي تغيير منذ أوائل العام 1990.

تقوم ASU بتطوير أنظمة رؤية ليلية مخصصة لطياري قوات العمليات الخاصة

على الرغم من أن ENVIS خضع لبعض التعديلات الطفيفة – على سبيل المثال إضافة وضع Clip on على شاشات العرض الرأسية واستبدال Eye pieces (العيينة) بشاشات عرض – وأدت هذه التعديلات إلى زيادة الوزن وزيادة المخاطر من جراء كابلات طاقة إضافية والتي لم تحسن أداء الأنبوب. وبالتالي، فإن بعض وحدات الطيران في قوات العمليات الخاصة عمدت إلى تركيب أنابيب ذات أداء عالي على أجهزة ENVIS الحالية فيما هي تنتظر استشراف أنظمة جديدة.

وتقوم ASU بتطوير أنظمة رؤية ليلية مخصصة لطياري قوات العمليات الخاصة. وهناك كثير من التحسينات التي نتوقعها في القريب العاجل بحسب تشاد فرانسيس، الذي أشار إلى أن طياري قوات العمليات الخاصة يستحقون تطوير معداتهم لتواكب المعدات المتوافرة في برامج الجندي. وتعمل ASU مع وحدات الطيران في قوات العمليات الخاصة إلى تحسين أنظمة الرؤية الليلية ومكوناتها وجزئياتها، قائلاً: «بعد ثلاثين عاماً من التصاميم  الجامدة، حان الوقت للتحرك إلى الأمام وتزويد العملاء بما يحتاجونه من أنظمة تالية للرؤية الليلية للطيار.^

الشركات
منتجات
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2020
رقم الصفحة
36

أخر المقالات