تنامي تهديدات الحرب الكيميائية في منطقة الشرق الأوسط

المترجم


تُشكِّل الهجمات بالأسلحة «الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية» CBRN قسماً مهماً من الخطر الإرهابي المُحيق. وقد أصبح هذا الخطر هاجساً متنامياً حيث هناك أدلّة على أنّ اختلال الأمن في منطقة الشرق الأوسط قد حفَّز المجموعات الإرهابية والدول المارقة على تطوير مثل تلك الأسلحة والاستحصال عليها، وذلك بحسب «المراجعة السنوية الخاصة بالعوامل الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية» Annual CBRN Review في نشرة «أم تي» MT المتخصصة.
 


ولفتت النشرة المذكورة إلى أنّ الشرق الأوسط سيواصل استخدام هذه العوامل كونه المنطقة حيث يتواصل تهديد الأسلحة «الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية» CBRN على المدنيين، فضلاً عن الجنود والقوات الخاصة العاملة في العديد من الدول، ولا سيّما لمواجهة ما يُطلق عليه تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام» (داعش). وتحدّثت التقارير عن وقوع هجماتٍ بـ «عوامل الحرب الكيميائية» CWA من قِبَل الأطراف المتقاتلة في سوريا كحَدَثٍ شائع، وإسقاط براميل من المتفجِّرات تحتوي على غازَي «الكلورين» Chlorine و«الأمونيا» Ammonia بين عامَي 2014 و 2015، وقَصْف تنظيم «داعش» لمطار دير الزور بغاز «الكلورين» في كانون الأول/ديسمبر العام 2014. وفيما توقّف العمل بغاز «السارين» Sarin في العديد من الهجمات التي طالت المدنيين والمتقاتلين في العام 2013، فإنّ غاز «الكلورين» ما زال يُستخدم.
 

داعش: غازا الخردل والكلورين...


في مطلع آب/أغسطس العام 2015، كان المسؤولون الأميركيون يتحرّون «تقارير تتّسِم بالمصداقية» عن استخدام «عامل الخردل» Mustard agent من قِبَل تنظيم «داعش» ضد المقاتلين الأكراد، مع معلوماتٍ مستقلّة تشير إلى استخدام «أسلحة كيميائية» CW بالقرب من بلدة مخمور في شمال العراق. ووفقاً للمسؤولين، أُطلقت قذائف هاون أو صواريخ غير موجَّهة على قوات «البشمركة» الكردية في 12 آب/أغسطس من ذلك العام ما تسبّب بوقوع عددٍ قليل من الإصابات مع «جروحٍ متّصلة بعاملٍ كيميائي محفِّز للبثور»، بكمياتٍ صغيرة وبتركيزٍ منخفض.
ويتواصل التحقيق في مصدر «عامل الخردل» وكيف تمّ إيصاله إلى الميدان. وتعتقد وكالات استخباراتية أنّ تنظيم «داعش» كان يملك على الأقل مخزوناً صغيراً من عامل الخردل ربّما استحصلت عليه من مخزوناتٍ عراقية قديمة، على الأرجح من «مجمّع المثنّى» بالقرب من العاصمة بغداد، الذي تعرّض لغارةٍ جوّية في العام 2014. وتُخزِّن هذه المنشأة نحو 2,500 صاروخٍ معبّأ بغاز الأعصاب الذي تردّد أنّه قد تحلَّل ولم يعُد صالحاً للاستخدام في «أسلحة كيميائية عاملة». ومع ذلك، فإنّ ما يُشكِّل إرهاباً كيميائياً لا ينطبق بالضرورة عليه هذا التعريف.
وربّما استُخدمت الأسلحة الكيميائية بغاز الخردل أيضاً من قِبَل تنظيم «داعش» في هجومٍ على منطقة ماريا في شمال سوريا، بعدما كشفت منظّمة «أطباء من دون حدود» MSF أنّ كوادرها الطبية قد عالجت أربعة أفراد من أُسرةٍ عانت صعوباتٍ في التنفُّس وأُصيبت بطفحٍ من البثور الجلدية بعدما سقطت قذيفة هاون على منزلهم. وقد أوردت «الجمعية الطبية السورية الأميركية» في تقريرٍ لها عن استقبال خمسين مريضاً يشكون عوارض التعرُّض لموادٍ كيميائية. ويقول المغادرون إنّ تلك القذائف قد أُطلقت من قرية تحت سيطرة تنظيم «داعش» إلى الشرق.
وفي حزيران/يونيو من العام 2015، حذّرت وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب Julie Bishop ومسؤولون آخرون من أنّ قيادات «داعش» كانت تُجنِّد تقنيين مدرّبين على مستوى عالٍ في محاولةٍ جدّية لتطوير أسلحة كيميائية. وفيما كان هذا هو الحال مع تنظيم القاعدة ومجموعات أخرى، فإنّ الأمر يتطلّب إلى حدٍّ كبير الاعتماد على استخبار وتقارير شهود عيان للحُكْم على قدرات الحرب الكيميائية – وأية قدرات «كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية» CBRN أخرى – لدى تنظيم «داعش».
 

من بين الملابس الجديدة الواقية من العوامل «الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية» CBRN الطقم المُحْكم المانع لتسرُّب الغاز TRELLCHEM VPS CV-ET. الصورة : Ansell
... ومواد إشعاعية


ذكرت تقاريرٌ أيضاً أنّ تنظيم «داعش» صادر 40 كيلوغراماً من مركّبات اليورانيوم من منشأة حكومية في مدينة الموصل، التي خضعت لسيطرة التنظيم المذكور لفترةٍ طويلة حتى تحريرها. وهذا يُشير إلى تحذيراتٍ حول قدرة الإرهابيين على بناء قنبلة أو «جهاز نثر إشعاعي» RDD – تلك التي تحدّثت عنها تقاريرٌ عديدة للحكومة الأميركية وحكوماتٍ أخرى منذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر في العام 2001 التي شنّها تنظيم «القاعدة». لكن على عكس التنظيم المذكور، احتلّ «داعش» أراضي فعليّة في بلدين على الأقل، وامتلك الثروة، والأسلحة والموارد المُصادَرة والمسلوبة على نحو غير مسبوق بالنسبة إلى مجموعةٍ متمرّدة أو إرهابية، وهي تُدير المناطق الواقعة تحت سيطرتها وفقاً لبرنامجها الفائق الرجعية والتطرُّف. وتضاعفت مخاطر استخدام مثل هذه المواد مع انهيار بعض الدول وانتشار المناطق غير الخاضعة لسلطة الحكومة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع الإبلاغ عن العشرات من الحوادث حول فقدان أو سرقة مواد نووية متفجٍّرة في السنوات الأخيرة.
 

ليست المعارضة فقط


لم يقتصر استخدام الأسلحة الكيميائية على تنظيم داعش فقط، فقد استخدم النظام السوري هذا السلاح عدة مرات كان آخرها الهجوم الكيميائي على مدينة خان شيخون التي كانت تسيطر عليها قوات المعارضة السورية في ريف إدلب في الرابع من نيسان/أبريل 2017، ما أدى إلى وقوع 100 قتيل جلّهم من الأطفال، ونحو 400 مصاب. واختلفت الآراء حول مصدر الغازات السامة بعد وقوع القصف؛ حيث تقول المعارضة السورية أنه استخدم غاز السارين في القصف والأعراض التي يعاني منها المصابين ترجح ذلك، والتي تتمثل بخروج زبد أصفر من الفم وتشنج كامل.. وقد نفت الحكومة السورية استخدام أي سلاح کيميائي معربة أنه ليس لديها أي نوع من الأسلحة الكيميائية منذ تسليم ترسانتها الكيميائية من قبل، وبأنها لم تقم باستخدامها سابقا بينما تؤكد وزارة الدفاع الروسية أن طائرات سلاح الجو السوري قد قصفت مستودعاً للذخائر يحتوي على أسلحة كيميائية ومعملا لإنتاج قنابل تحتوي على مواد سامة. وأكدت لجنة تابعة للأمم المتحدة الهجوم السوري، في حين رفضت فرنسا على لسان مندوبها لدى الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر الرواية الروسية. وفي السابع من نيسان/ أبريل 2017، قصفت الولايات المتحدة الأمريكية مطار الشعيرات العسكري ردًا على الهجوم الكيميائي السوري.
وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في الرابع من تشرين الأول/أكتوبر الحالي، أن غاز السارين استخدم  في إحدى القرى الواقعة في شمال سوريا في أواخر آذار/مارس الفائت، قبل خمسة أَيَّام من استخدامه في هجوم على مدينة خان شيخون موقِعاً عشرات القَتْلَى.
وقال مدير المنظمة أحمد أوزومجو، في تصريح اليوم، إن تحليل العينات التي جمعتها المنظمة ترتبط بحادثة وقعت في قرية اللطامنة الواقعة على بعد 25 كلم جنوب خان شيخون في 30 آذار/مارس من العام الْجَارِي، مُضِيفَاً أن النتائج تثبت وجود السارين.
وأَضَافَ أن لجنة التحقيق التابعة للمنظمة عَثَرَت على عينات ترابية وملابس وقطع معدنية تم إِرْسَالها إلى مختبرات المنظمة، وحصل على النتائج بعد ذلك  بأيام قليلة، مُشِيرَاً إلى أنه من المقلق أنه كان هناك استخدام للسارين، أو تعرض له حتى قبل حادثة  الرابع من نيسان/أبريل.
 

قناع الرأس الواقي من الغازات Avon NH15. الصورة: Avon Protection
التحكُّم بمواد CBRN


لا تُصنَّف مادة «الكلورين» بكونها سلاحاً كيميائياً ولا بصفتها مادة كيميائية شائعة ذات استخدامٍ صناعي على نطاقٍ واسع، لكنّ استخدامها كسلاحٍ محظور بـ «معاهدة الأسلحة الكيميائية»، التي وقّعت عليها سوريا في العام 2013 قبيل تفكيك مخزونها من «عوامل الحرب الكيميائية» CWA. والمناطق التي انسحب منها تنظيم «داعش» أو طُرِد منها مفخّخة بمئاتٍ من «العبوات المتفجِّرة المرتجلة ميدانياً» IED، حيث كان نحو ربع مساحة جانبَي الطرق في منطقة تكريت شمال بغداد التي استعادتها القوات العراقية في العام 2015 من تنظيم «داعش» يحتوي على مادة «الكلورين» – مع إصاباتٍ نتيجة ذلك لحقت بقوات «البشمركة» الكردية وخبراء «تفكيك الحشوات المتفجِّرة» EOD العراقية.
وفي أيار/مايو من ذلك العام، حضَّ خبير «الأسلحة الكيميائية» البارز العقيد هاميش دي بريتون-غوردون Hamish de Bretton-Gordon الحكومة البريطانية على تشديد قبضة تحكُّمها بمبيعات غاز «الكلورين»، محذِّراً من تنامي التهديد بوقوع هجوم بسلاحٍ كيميائي في البلاد على أيدي جهاديين بريطانيين عائدين. ففي بريطانيا بالإمكان شراء 90 طناً من «الكلورين» من دون رخصة. وفي حين أنّ «الكلورين» المستخدم في القنابل غالباً ما يُستخرج من الجانب الخلفي للبرّادات أو الثلّاجات المنزلية، حذّر العقيد دي بريتون-غوردون من أنّ بالإمكان صنع «حشوة متفجّرة مرتجلة ميدانياً» بسيطة من غاز «الكلورين» بانتزاع العبوة الفولاذية لغاز «الكلورين» ووصلها بصاعقٍ متفجِّر. وكان قد حذّر قبل ذلك من احتمال وقوع هجوم بغاز «الكلورين» في أنفاق لندن، وقال: «إنّ كلّ جهادي أجنبي يعود إلى الولايات المتحدة أو إلى المملكة المتحدة قد أُخضِعَ لتدريبٍ على هذا النوع من الأسلحة الكيميائية ولديه فكرة كافية حول كيفية استخدام الكلورين ومواد كيميائية أخرى كسلاحٍ إرهابي».
وقد حدث تغييرٌ تطوُّري، في التكتيكات الإرهابية نحو هجماتٍ أصغر نطاقاً وأكثر فتكاً، كما تبيّن في العامَين 2014 و 2015. فقد أصبحت شبكة الإنترنت، وعلى الأخص وسائل التواصل الاجتماعي، المصدر الرئيسي لتجنيد الجهاديين والمتطرّفين الآخرين. ومن بين فورة التغريدات المناصرة لتنظيم «داعش»، دعا أحد حسابات «تويتر» إلى «تنفيذ هجوم» بسيارة مفخّخة بقنبلة كيميائية» ضد الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارته إلى الهند.
ربّما كان ذلك مجرّد تهويل أو دعاية غير مدعومة بقدرة «كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية» CBRN فعلية، كما أوضحت ميا بلوم Mia Bloom من «مركز دراسات الإرهاب والأمن» لدى جامعة ماساتشوستيس-لويل: «لم تعُد هذه المجموعات قادرة على تنفيذ هجمات تُسبِّب أعداداً كبيرة من الإصابات. لذا فإنّهم يبحثون عن بدائل أقل حيِّزاً»، لكنّها استدركت محذرةً أنّ «هؤلاء ينشرون على شبكة الإنترنت وسائل لصنع قنابل – وأدلّة بوسائل شتّى لتنفيذ هجمات» وهو ما ينبغي أن يُنبِّه الجميع في ما يتعلّق باحتمال نشر حشوات كيميائية أو بيولوجية أو إشعاعية CBR إرهابية مرتجلة ميدانياً.
 

توليفة CRS15 للوقاية من العوامل «الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية» CBRN والمواد الخطرة من شركة  Avon Protection
هجوم سيبراني نووي


إنّ شبكة الإنترنت هي أيضاً أداة رئيسية للإرهاب والإجرام والتخريب. وكان أمين عام «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» IAEA يوكيا أمانو Yukiya Amano قد حذّر في مطلع شهر أيار/مايو العام 2015 عن تواصل التهديدات بوقوع هجمات سيبرانية في المنشآت النووية عبر العالم: «ثمة تقارير تردُ على نحو يومي تقريباً عن هجمات سيبرانية فعلية أو معتزمة. ففي العام 2014 وحده، كان هناك حالات وقوع هجمات عشوائية تستند إلى البرمجيات الخبيثة استهدفت محطات طاقة نووية NPP ومنشآت مماثلة».
وتنامت هذه التهديدات في السنوات الأخيرة، خصوصاً في الدول النامية حيث يستغلّ المجرمون ثُغَراً قانونية وإجراءات أمنية ضعيفة، وفقا لتقريرٍ حديث صادر عن «مكتب الأمم المتحدة للمخدّرات والإجرام». وفي كانون الأول/ديسمبر 2014 على سبيل المثال، انتُهِكَت أنظمة الكمبيوتر في محطة طاقة نووية في كوريا الجنوبية، من قِبَل مُخترقين كما زُعِمَ من جارتها الشمالية التي تزداد عدوانيةً، أي كوريا الشمالية – على الرغم من أنّ أيّاً من أنظمة التحكُّم النووية لم يتم اختراقها.
 

الحاجة إلى أجهزة تنفُّس


تعتمد الحماية ضد الهجمات الكيميائية على إمداداتٍ من الأقنعة الواقية من الغازات وأطقم الإزالة السريعة للتلوث – فضلاً عن التدريب حول سُبُل استخدامها. وإلى جانب العديد من المنظّمات غير الحكومية المحلية والعالمية المختصّة بالإغاثة، أطلق العقيد دي بريتون-غوردون برنامج تدريبٍ في سوريا تلبيةً للحاجة إلى حماية المدنيين، وتجهيزهم وتدريبهم على مواجهة الهجمات الكيميائية. وتضمنت خطة التجهيزات نظام رصد رئيسياً للغاز لكلّ عيادة طبية، إلى جانب أقنعة أو أغطية واقية للرأس ومعدّات استخدام شخصية لإزالة التلوث.
وتُحدِث قنبلة برميل «الكلورين» السورية زنة 50-100 كيلوغرام خطراً يمتد بطول 200 مترٍ وعرض 100 متر. ومن شأن الدخان الأخضر والأصفر المُخيف والرائحة «النفّاذة الشبيهة بمُعقِّمات التنظيف» أن يجعلا رصدهما وتجنُّبهما أسهل من الأسلحة الكيميائية الأكثر تعقيداً على غرار غازَي الأعصاب «سارين» و«في أكس» VX، وهما لا لونَ ولا رائحة لهما. وفيما تدوم تأثيرات غاز «الكلورين» لبضع دقائق فحسب، إذا ما كانت التحضيرات متوافرة في الموقع وأمكنَ الحدّ من تلك التأثيرات، فإنّ الرعب المتأتِّي عن نشرها وسط محطات نقل مكتظة بالأشخاص أو أي مكانٍ عام آخر لن يكون محدوداً أبداً.
إنّ الوسيلة الفعّالة لحماية المدنيين وكلّ مَنْ يضطر إلى الفرار من هجومٍ أو خطرٍ بموادٍ سامة تتمثَّل في أقنعة أو أغطية الرأس المجهَّزة للإنقاذ من مثل هذه الحالات. فبإمكان قناع الرأس الواقي من الغازات «أيفون أن أتش 15» Avon NH15 والجيل التالي من أقنعة الوقاية PC50 أن يؤمّنا حماية للجهاز التنفُّسي وللعينين وللوجه من عوامل «كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية» CBRN لمدّة 15 دقيقة كحدٍّ أدنى – وهو الوقت الكافي لإخلاء منطقة ملوثة بتلك العوامل. ولا تتطلّب تلك الأقنعة أي تدريبٍ مسبق للاستخدام وهي بالتالي مثالية للحالات المدنية – فضلاً عن استخدامها من قِبَل المُسعفين وفرق التدخُّل السريع جنباً إلى جنب مع القوات العسكرية.

وقناع الرأس الواقي من الغازات هو جزءٌ أيضاً من توليفة جيدة للوقاية من العوامل «الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية» CBRN والمواد الخطرة من شركة «أيفون بروتكشين» Avon Protection – أي الطقم العملي CRS15، ويشتمل على قفّازات، وطقم واقٍ ومواد مزيلة للتلوث موضَّبة في حقيبة ظهر صغيرة قابلة للحمل، ما يتيح للمستخدم الاستجابة سريعاً لجميع حالات CBRN المحتملة في أحداثٍ كبيرة. كما أنّ هذا الطقم ملائماً أيضاً لمقار الشركات وموظّفي السفارات في مناطق محفوفة بتهديدات CBRN عالية، وكذلك لأسواق المواد الكيميائية الصناعية والغاز والنفط سواء لإجراء عمليات صيانة روتينية آمنة أو في حالات الكوارث.
 

جهاز الحقن الأوتوماتيكي المقوَّى إلى مستوى عسكري EMERGARD. الصورة: Emergent BioSolutions
ترياق كيميائي فوري


من أجل التعامل مع العوامل الكيميائية، ثمة ضرورة مُلِحّة لأنواع الترياق والعلاجات الطبية الأخرى لحالات الطوارئ من أجل إنقاذ الأرواح، وينبغي أن تكون متوافرة على نحو واسع وسريع في المناطق المحفوفة بمخاطر عالية. وقد أُطلِق جهاز حقن أوتوماتيكي مقوَّى إلى مستوى عسكري هو EMERGARD في آب/أغسطس 2015 من قِبَل شركة «إميرجانت بايو صوليوشينز» Emergent BioSolutions، وقد صُمِّم للحقن الذاتي داخل العضل لأنواع ترياق مضاد للسموم من أجل التخفيف من حدّة التعرُّض لبعض العوامل الكيميائية المحددة. وقد صُمِّم لكي يتم نقله وتخزينه وتشغيله في بيئةٍ عسكرية، ويمكن أن يؤمّن حقناً ناجحاً عبر الزي الواقي من العوامل الكيميائية. وبعد الحصول على مصادقة «إدارة الغذاء والدواء» FDA الأميركية، يفترض أن تكون الشركة قد بدأت بتسليم هذا الجهاز إلى العديد من الدول بدءاً من أواخر العام 2015.
ومن بين الملابس الجديدة الواقية من العوامل «الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية» CBRN هناك الطقم المُحْكم المانع لتسرُّب الغاز TRELLCHEM VPS CV-ET من شركة «أنسيل» Ansell، وهو سيكون متوافراً لخدمات الطوارئ بموجب اتفاقية «خدمات تجارية للتاج البريطاني» UK CCS. وينبغي على الأطقم المنافِسة أن تجتاز اختبار «رجلٌ تحميه عوامل مُمْرِضَة» MIST ضد غاز الخردل الكبريتي – لتقييم مدى مقاومة كامل الطقم للاختراق والتسرُّب. وثمة تأكيدات بأنّ طقم TRELLCHEM يتّسِم بمقاومة كيميائية فعّالة واستدامة للاستخدام من قِبَل فرق الاستجابة الأولية، فضلاً عن فرق التخلُّص من المواد الخطرة وكذلك المستخدمين الصناعيين – أخذاً في الاعتبار أحداثٍ مثل الكارثة الكيميائية الصينية في تيانجين. والتركيبة المجرّبة لمواد هذا الطقم المؤلّفة من المطاط وبطانة متعدّدة لطبقات مانعة لتسرُّب العوامل الكيميائية إنّما توفّر حماية كيميائية لمدّة ثماني ساعات وأكثر ضد جميع أنواع المواد الكيميائية المعروفة، وتُلاقي المعايير الأوروبية ذات الصلة.
 

تطور GD-OTS مفهوم Mobile Munitions Employing Rockets (HAMMER) لتدمير «العوامل الكيميائية والبيولوجية» CBA
حل HAMMER


في غضون ذلك، وعلى الجبهة الاستراتيجية للدفاع ضد عوامل «كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية» CBRN، يجري تطوير مفهوم ذخائر جديدة لتدمير «العوامل الكيميائية والبيولوجية» CBA من قِبَل وحدة أعمال «الذخائر والأنظمة التكتيكية لدى شركة جنرال دايناميكس» General Dynamics Ordnance and Tactical Systems (GD-OTS). وقد فاز هذا المفهوم، أي «صواريخ ناقلة للذخائر» Mobile Munitions Employing Rockets (HAMMER)، بعقدٍ من سلاح الجو الأميركي بقيمة 7.2 مليون دولار، يتضمّن ملء دشمة تحت الأرض أو منشأة تخزين أسلحة لمئاتٍ من الكرات النارية الصغيرة زنة 2.4 كيلوغرام المُندفعة صاروخياً صُمِّمت لحرق «عوامل كيميائية وبيولوجية» CBA.
وإيصال هذه الكرات النارية ذات «الطاقة الحركيّة الحارقة» قد يكون عبر قنبلة خارقة للخنادق والتحصينات BLU-109B زنة 907 كيلوغرامات، التي بإمكانها اختراق 1.8 متر من الخرسانة الإسمنتية المقوَّاة. صُمِّمت هذه الذخيرة ليس للإطباق على الخندق بضغطٍ شديد فحسب، بل أيضاً منع التسرُّب العَرَضي للعوامل الكيميائية التي ينبغي تدميرها. وبعد ذلك، ستقوم شركة GD-OTS باختبار ثلاث وظائف فرّعية أساسية: القذف، والإشعال والنثر؛ وتُغطّي خيارات عقدٍ إضافي لإجراء اختباراتٍ ثابتة ومتحركة لكامل النظام.
ومنح سلاح الجو الأميركي أيضاً شركة «كيوبيك غلوبال ديفنس» Cubic Global Defense عقداً تالياً لدعم قسم «الاستخبار والمراقبة والاستطلاع» ISR المتمحور حول البشر في «مختبر أبحاث سلاح الجو».  وفي إطار هذا التطوُّر الجديد، ستواصل شركة Cubic توفير حلول لتحسين برنامج المهام المضادة لانتشار عوامل «كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية» CBRN لدى سلاح الجو المذكور.
وقال كريس بيليوس Chris Bellios، نائب رئيس أعلى لـ «خدمات الدفاع والاستخبار» لدى شركة Cubic Global Defense في هذا الخصوص: «إنّ إيجاد حلولٍ وإجراءات متقدّمة لمنع انتشار عوامل CBRN من أجل استجابةٍ وتعافٍ على نحو أمثل هو مهمةٌ بالغة الأهمية لشركائنا العسكريين وكذلك لشركة Cubic»، وتابع: «ومع الجهود الناجحة للاستثمار الأوّلي، فإنّ الزيادة في سقف العقد لَهُو شهادة على الخدمة المتفوّقة لشركة Cubic والشراكة المتواصلة مع سلاح الجو الأميركي».
 

ستواصل شركة Cubic توفير حلول لتحسين برنامج المهام المضادة لانتشار عوامل CBRN لدى سلاح الجو الأميركي

».
وبموجب العقد الأوّلي المحدد على مدى خمس سنوات، ستكون شركة Cubic مسؤولة عن إجراء عمليات الأبحاث والاختبار والتقييم والتحليل لتكنولوجيات تصدٍّ قصير وطويل الأمد لعوامل «كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية» CBRN في قاعدة «رايت باترسون» Wright Patterson الجوّية في ولاية أوهايو الأميركية.
في المقابل، فازت شركة «فلير سيستمز» FLIR Systems بعقدٍ لمواصلة دعم برنامج «معدّات وأطقم وتجهيزات الاستطلاع الراجل للعوامل النووية والبيولوجية والكيميائية» DR SKO الذي تُنفِّذه وزارة الدفاع الأميركية. ويشمل العقد، وهو بقيمة 51.1 مليون دولار، الطلب الثاني للإنتاج بالطاقة الكاملة بموجب عقد IDIQ لمدّة خمس سنوات، ويُغطِّي إمداد نظام الاستجابة المدمج من تهديدات «كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية ومتفجِّرات» CBRNE من FLIR وقطع الغيار والخدمات ذات الصلة.
ويوفّر نظام FLIR DR SKO مجموعة مدمجة من أطقم رصد وتعريف واختبار وأخذ عيِّنات لعوامل «كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية ومتفجِّرات» CBRNE وغيرها ذات الصلة بالسلامة الشخصية التي تتيح للجنود إجراء مهام تقييمٍ وإدارة التداعيات في الموقع.
وبرنامج DR SKO، الذي كان يُطلق عليه في الأساس «النظام المشترك لاستطلاع العوامل النووية والبيولوجية والكيميائية الدفعة الثانية» JNBCRS2، هو مبادرة ما بين القطاعات العسكرية ووزارة الدفاع يتركّز على أنظمة رصد تهديدات CBRNE وسيُستخدم من قِبَل الجيش والبحرية وسلاح الجو وقوات مشاة البحرية المارينز وفرق الدعم المدني.
وفي تطوُّرٍ منذ العام 2008، يوفّر البرنامج حماية للجنود من مخاطر CBRN، فضلاً عن رصد وتعريف وأخذ عيِّنات وإزالة تلوث وتعليم تهديدات CBRN وإصدار تقارير عن مخاطرها.
وقد تلقّت شركة FLIR الضوء الأخضر للإنتاجٍ بالطاقةٍ الكاملة من وزارة الدفاع في نيسان/أبريل 2014، إلى جانب طلب بقيمة 12.3 مليون دولار من الجيش لإنتاجٍ أوّلي بمعدّلٍ منخفض لأنظمة DR SKO فضلاً عن عقدٍ بقيمة 5.8 ملايين دولار لإدارة البرنامج ومهام لوجستية ذات صلة بالمشروع.
 

يوفّر نظام FLIR DR SKO مجموعة مدمجة من أطقم رصد وتعريف واختبار وأخذ عيِّنات لعوامل CBRNE وغيرها ذات الصلة بالسلامة الشخصية التي تتيح للجنود إجراء مهام تقييمٍ وإدارة التداعيات في الموقع. الصورة : FLIR Systems
Karcher Futuretech


تعتبر شركة «كارتشر فيوتشرتك» Karcher Futuretech، التي يقع مقرها الرئيسي قرب مدينة ستوتغارت الألمانية، من أهم الشركات العالمية التي توفر أنظمة الحماية من العوامل الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية CBRN. ومن أحدث مبتكراتها في هذا المجال نظام إزالة التلوث الذي يرتكز إلى تصميم قفص تراكبي بدرجة فريدة من التراكبية، ما يجعل منه حل إزالة التلوث الأكثر مرونة. وتم تصنيع جدران القفص العازلة والواقية لكامل وحدات النظام من ألواح بلاستيكية من الألياف الزجاجية المقوّاة الخفيفة الوزن والمتينة، وتم بناء النظام ليكون خفيف الوزن ومثالياً للنقل الجوي.
يشتمل أساس النظام على منصة نقل حاوية بطول 20 قدماً مع نظام غلق حلزوني ذي معيار دولي ISO Twist-Lock صمم لاستيعاب وحدات نقل المياه قياس 3x6 أقدام. وبالاستناد إلى سيناريو الاستخدام، فإن هناك ثلاث وحدات وظيفية 3x6 أقدام يمكن تركيزها على منصة النقل. وتم تجهيز خزانات المياه المستخدمة في عمليات إزالة التلوث المستقلة بمقياس متري مدمج بمستوى منسوب المياه، وجهاز تدفئة للحماية من الجليد ومضخة مياه. وبالاعتماد أيضاً على عملية إزالة التلوث المطلوبة، تم تركيب الوحدات الوظيفية بتطبيقات مختلفة مع مكوِّنات ذات صلة لإزالة التلوث من العربات، والأفراد، والمعدات والمواد الحساسة، والقاعات الداخلية إضافة إلى البنية التحتية. ويمكن أن تضاف إلى المنصة أيضاً وحدة نقل كيميائية، ووحدة أخرى لنقل أدوات مساعدة، ومولد كهربائي ووحدة مزج لإضافة مواد التطهير الكيميائية.
 

كارثة تيانجين الكيميائية


بعيداً عن مناطق النزاع، تشمل المخاطر «الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية» CBRN أيضاً الكوارث الصناعية الناجمة عن حالة تلوث هائلة. ففي 12 آب/أغسطس العام 2015، قُتِلَ ما لا يقل عن 100 شخص، من بينهم 21 من مكافحي الحرائق، وأُصيب أكثر من 700 آخرين عندما وقعت سلسلة من الانفجارات أدت إلى تدمير مستودع لمواد كيميائية خطرة في الميناء الصناعي لمدينة تيانجين، 120 كيلومتراً شرق العاصمة الصينية بيجينغ.
 

نظام إزالة التلوث من العوامل الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية CBRN بوحدات تراكبية. الصورة : Karcher Futuretech


وشملت التأثيرات أطناناً من «المواد الكيميائية الصناعية السامة» TIC، من بينها 700 طن من «صوديوم ساينايد» Sodium Cyanide في المنشأة، وبدا المشهد بعد الحَدَث أشبه بانفجارٍ نووي بمستوى كيلو طن. كما تمّ رصد غاز «هيدروجين ساينايد» hydrogen cyanide الشديد السُّمّية فوق مستويات السلامة. وتحدّثت بعض التقارير على أنّ رجال مكافحة الحرائق إنّما قد ساهموا في استخدامهم للمياه على تفاقم التفجيرات بسبب تفاعل المياه مع المواد الكيميائية الصناعية السُّمّية المتطايرة التي كانت مخزَّنة في الموقع، وعلى الأخص «كاربيد الكالسيوم» calcium carbide و«تولين دايسوكاينايت» toluene diisocyanate، وهي أيضاً مواد مُسبِّبة للسرطان.
وأيّاً كان السبب، سواء كان إرهابيون أو قوات حكومية أو نقص الأمن والإهمال، فإنّ الاستجابة للهجمات والحوادث الكيميائية إنّما يتطلّب معدّات الوقاية المناسبة والتدريب الملائم لإنقاذ الأرواح والحدّ من الإصابات الشديدة.

تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2017
رقم الصفحة
68

أخر المقالات