تطبيقات مضادة للأنظمة الجوية غير الآهلة للمنصات البحرية

يستقطب التطور السريع للمسيرات الجوية، والسطحية، والتحتمائية اهتمام المُخططين البحريين من ناحيتَيْ الهجوم والدفاع نظراً لإمكانية تهديداتها الواسعة النطاق. فالأسلحة الحوامة/ المتسكّعة، والقوارب المتفجرة، والغواصات الصغرية تفرض تهديداً متعدد الأبعاد بقدر تهديدات الصواريخ، والمدافع، والطوربيدات. وهذا ما تتناوله بحثاً النشرة المختصة «ماريتايم سيكيورتي أند ديفنس».
والتهديد الجديد غير الآهل هو ذو حجمٍ صغير، لكن التأثير المشترك لعناصره يمكن أن يعطل مدمرة بحرية قوية إذ إن أية مسيرات تشن هجمات شاملة Swarm Attack قادرة على ضرب بقعة ضعيفة محددة في السفينة، بما يحد من قدراتها الدفاعية في مواجهة أسلحة فتاكة أكثر اقتداراً.

الأنظمة غير الآهلة في المجال البحري «الأنظمة الجوية غير الآهلة» (UAS)

أصبحت «الأنظمة الجوية غير الآهلة» أداة معيارية للمراقبة البحرية بفضل فترة مكوثها الطويل في الجو وحمولتها الشاملة لتنفيذ المهام. وفيما تُشغل «الأنظمة الجوية غير الآهلة» (UAS) من الأرض فإن مهامها تتمثل في دعم الاطلاع على الوضع في المجال البحري لصالح قوات المهام الخاصة في البحر، ما يمدد من نطاق التغطية في ما يتعدى المدى الممكن تغطيته من على متن سفينة سطح. ويحمل «النظام الجوي غير الآهل» حمولات كبيرة تدمج راداراً، و«إجراءات دعم إلكترونية» (ESM)، ومستشعرات وبصريات إلكترونية (EO) تراقب مناطق شاسعة من البحر المفتوح أو المكشوف. ويمكن لهذا النظام أن يعمل بعيداً عن قوة المهام أو العمليات الخاصة التي يدعمها، ويتصل مع السفن ومركز العمليات عبر وصلات ساتلية ويتيح للأولى أن تبقى صامتة.
ويمكن للقوات البحرية أن تشغل أيضاً أنظمة جوية غير آهلة (UAS) بحراً، ويشمل ذلك منصات «إقلاع وهبوط عموديين» (VTOL)، وهذه مقيدة على نحو أكثر من ناحية فترة المكوث في الجو لتنفيذ المهمة وطاقة الحمولة لكن يمكنها أن تصبح بمثابة أداة داعمة لعمل «سارية المستشعرات» في السفينة، وتمدد من نطاق الإلمام بالوضع المحيط.

تغدو «سفن السطح الذاتية الحركة» شائعة، وتشغلها بحريات لمهام حفظ الأمن البحري، والإجراءات المضادة للألغام، والحرب المضادة للغواصات، والحرب الإلكترونية. وتظهر الصورة سفينة السطح الذاتية الحركة  CETUS – a C-Worker 4 صنع    L3Harris Technologies
المسيرات الصغيرة

حينما تكون السفن في الميناء، وفي الممرات المائية داخل البر، أو على الساحل، فهي قد تكون عُرضةً لمسيرات صغيرة (drones) أو عربات متعددة الدوارات (مثل العربات الدوارة الجوية غير الآهلة الصغرية fancopters) المطلقة من الشاطئ أو من على متن سفن أخرى. وباستخدام منصات متوافرة تجارياً (COTS)، تُستخدم العربات المتعددة الدوارات من قِبل الإرهابيين ومنظمات غير حكومية كعبوات متفجرة مرتجلة جواً تحلق بشكل ذاتي مستقل أو يتم التحكم بها عن بعد لمهاجمة أهداف. ولكونها أهدافاً صغيرة غالباً ما تعتبر كمصدر إزعاج، لكنها في الحقيقة تمثل تهديداً كبيراً. فمسيرات المراقبة الصغيرة يمكنها أن تلتقط صوراً من كثب لأنظمة مصنفة سرية، وتراقب إشارات كهرومغناطيسية، وتشوش على الأجهزة البصرية الإلكترونية أو الإلكترونيات. وثبت أن هذه المسيرات الصغرية تتسم بالمناعة في مواجهة معظم أنواع الإجراءات المضادة، خصوصاً عندما تحلق بمجموعات صغيرة أو بهجمات شاملة، ما يتطلب وسائل خاصة لردعها.
وبعض هذه المسيرات لا يمكن رصدها عبر أنظمة الدفاع الجوي الحالية. وفيما تغدو الأنظمة التجارية المماثلة أكثر قوة ومتانة، وذات معايير عسكرية، أخذت تتطور سريعاً على وقع خطى تطور المصدر المفتوح، لتستحدث خصوماً لامتماثلين بما يتطلب دفاعات أحدث، وأدنى كلفة، وأكثر قابلية للتكيف.
وبإمكان المسيرات الجوية الأصغر حجماً و«الأسلحة الحوامة» (loitering weapons) القابلة للنشر من على متن الغواصات لتنفيذ مهام مراقبة واستطلاع خفية، أن تجمع معلومات حول الهدف وتمدد من نطاق عمل الغواصة في ما يتعدى المسافة التي تغطيها مستشعراتها.

ثمة اهتمام متنامٍ بأنظمة «العربات التحتمائية غير الآهلة» لإجراء مهام استطلاع، ومراقبة، ومسح تحتمائي وأدوار وضع خرائط مائية مع إمكانية تنفيذها لهجمات قوة حركية. الصورة لعربة   Double Eagle Sarov صنع Saab
«سفن السطح الذاتية الحركة» (ASV)

تغدو «سفن السطح الذاتية الحركة» شائعة، وتشغلها بحريات لمهام حفظ الأمن البحري، والإجراءات المضادة للألغام، والحرب المضادة للغواصات، والحرب الإلكترونية. وتستخدم القوات غير النظامية أيضاً زوارق سريعة محملة بالذخائر الشديدة الانفجار، ومجهزة بأتمتة مرتجلة أو تحكم عن بعد لمهاجمة سفن بطيئة التحرك أو راسية. وخلافاً للمسيرات الصغيرة التي تتطلب توجيهاً دقيقاً لتحقيق إصابة مؤثرة بمتفجرات صغيرة، فإن الزورق المحمل بعشرات - وربما مئات - الكيلوغرامات من المتفجرات يمكن أن يسبب ضرراً هائلاً في أي مكان يرتطم به.

«عربات تحتمائية غير آهلة» (UUV)

ثمة اهتمام متنامٍ بأنظمة «العربات التحتمائية غير الآهلة» لإجراء استطلاع، ومراقبة، ومسح تحتمائي وأدوار وضع خرائط مائية مع إمكانية تنفيذها لهجمات قوة حركية. ويصعب جداً رصد وتعقب عربات UUV الخفية هذه. كما أنّ هذه العربات المتحركة بشكل مستقل وذاتي تحت الماء والسابحة لأيام، والعاملة أحياناً بمجموعات وتنفذ هجمات غير متوقعة على قيادة المشغل، يصعب جداً دحرها على حد سواء.

كوادر من فيلق مشاة البحرية الأميركية يستخدمون نظام الهجوم الإلكتروني المضاد للأنظمة الجوية غير الآهلة المعادية L-MADIS لتوفير الأمن لنظام الدفاع الجوي البحري الخفيف المدمج على متن سفينة الهجوم البرمائية USS KEARSARGE (LHD 3) من فئة WASP فيما هي تعبر تحت «جسر مبارك السلام» في قناة السويس.
تحليل التهديدات

على غرار المدافع، والطوربيدات، والألغام، والصواريخ فإنّ الأنظمة غير الآهلة ذات اشتقاقات الأسلحة الحوامة هي تهديد جدي في المجال البحري. وينبغي أن تكون المسيرات - وعلى الأخص المسيرات الصغيرة - هدفاً ذا أولوية لمشاركتها في حيازة الأهداف، والاتصالات، والتشويش على المستشعرات. ويتوقع وجود مسيرات أصغر حجماً بالقرب من الشاطئ والموانئ حينما تُشاهد مسيرات المراقبة في البحر. وغالباً ما يعتمد الاشتباك مع هذه المسيرات على إجراءات إلكترونية وإجراءات مضادة بصرية إلكترونية EO لمنعها من تحقيق النجاح.
وتشكل مسيرات المتفجرات المرتجلة والأسلحة الحوامة تهديداً مباشراً وعاجلاً تعكسه سلوكياتها الهجومية. وبسبب فترة المكوث المحدودة في الجو والمدى المقيد لهذه المسيرات، فإن تهديداتها غالباً ما تكون في مواقع تنحسر فيها قدرة السفن على المناورة – أي أن تكون راسية في ميناء، أو عابرة من خلال مضيق ضيق أو قناة ضيقة، وكذلك أثناء الدخول إلى الميناء. ويمكن أن تعتمد الاتجاهات المستقبلية لهجمات المنصات الصغيرة غير الآهلة على أنظمة هجينة، سواء كانت مستشعرات أم أسلحة، تتألف من منصة جوية معزّزة بعربة تحتمائية مطلقة من زورق أو من طائرة، لتنفذ استطلاعاً أو تهاجم أهدافاً على سطح الماء أو فوقه.
وتجمع الأنظمة غير الآهلة الحديثة استقلالية الحركة مع خاصية «جندي في حلقة» وتعتمد على صفيف من المستشعرات لتنفيذ مهامها. ويمكن للمدافع أن تستغل الانبعاثات الكهرومغناطيسية، والفوتونية الضوئية، والصوتية للمسيرات بغية رصد وتعقب وتعطيل عملها أو أدائها.

«نظام المراقبة البحرية» SPEED ER من شركة Controp.
مستشعرات متعددة المجالات

يعتبر الرادار أكثر جدوى لرصد الأهداف الجوية والسطحية في البحر - ليل نهار، وفي ظل جميع الأحوال الجوية. ومع ذلك، يصعب رصد المسيرات فيما هي تتحرك على نحو أبطأ من الطائرات أو الصواريخ ولديها بصمة رادارية صغيرة (مقطع عرضي راداري). ويتطلب الرصد الراداري الفعال فلترة ترشيحية خاصة ومعالجة إشارة لتمييز المسيرات عن الأجسام البطيئة الحركة الأخرى، من مثل الطيور والأمواج. ولم تطور الرادارات الرئيسية على متن السفن بشكل أمثل للقيام بمثل هذه العمليات إذ إنّها تركز على مهام أخرى - البحث على سطح الماء، ورصد الصواريخ، والدفاع الجوي. وإضافة إلى ذلك، لا يُفعّل تشغيل الرادارات الرئيسية في الموانئ، حيث السفن أكثر عرضة للهجمات الإرهابية.
أمّا الرادارات الأصغر حجماً المطورة على نحو أمثل لرصد أهداف «منخفضة وبطيئة وصغيرة» (LLS) فقد طورت بشكل خاص لـ «مواجهة الأنظمة الجوية غير الآهلة» C-UAS. وفي العام 2019، حينما نشرت سفينة الهجوم البرمائية الأميركية USS KEARSARGE في الخليج العربي، اعتمدت على حل C-UAS مبتكر يعتمد على «نظام الدفاع الجوي البحري الخفيف المدمج» (L-MADIS) للتصدي لمسيرة إيرانية كانت تقترب من السفينة. ويدمج هذا النظام مستشعرات عديدة على متن عربة جوية وحيدة، توفر الحركية، وحماية C-UAS استطلاعية سريعة الاستجابة لصالح فيلق مشاة البحرية الأميركية. ويحتضن نظام L-MADIS أربعة رادارات RPS-42 من صنع شركة «رادا» RADA، وحزمة رصد SkyView RF وجهاز تشويش على الترددات الراديوية Modi RF من صنع شركة «سييرا نيفادا» Sierra Nevada، وحمولة بصرية إلكترونية توفرها شركة «أسنت فيجين» Ascent Vision.
أما المستشعرات الإلكترونية الأخرى التي تعمل على متن السفن فهي «إجراءات الدعم الإلكترونية» (ESM). ويقوم هذا المستشعر العامل بالتردد الراديوي الخامل على نحو مستمر بتحليل الطيف الكهرومغناطيسي على «عرض الحيّز» bandwidth، بحثاً عن أي شواذ يدل على وجود نشاط مشتبه به قد يتصل بنشاط معاد. وبما أن الأنظمة غير الأهلة تمتلك بصمة إلكترونية مميزة، يقدم «إجراءات الدعم الإلكترونية» التنبيه الأول بوجود تهديد للسفينة. وبمقدرته على تحديد اتجاه وصول الإشارة، وتتيح هذه الإجراءات أيضاً تحققاً وتعرفاً على هوية الأهداف التي يرصدها الرادار وتحديد مواقعها.

توفر شركة Citadel Defense النظام المضاد للأنظمة الجوية غير الآهلة TITAN للاستخدام الآمن على متن السفن
تحدي الحركية

يفرض التشغيل خلال التحرك تحدياً كبيراً للرادار، خصوصاً مع أهداف «منخفضة البصمة، وحوامة وصغيرة» (LLS) تتوارى وسط تشويش البحر. وطورت شركة «ماك تيك» MCTECH نظاماً للتغلب على تحديات الحركة بطريقة فريدة. ويقوم نظام MC HORIZON بتصويب الرادار على منطقة معينة حيث يشتبه مستشعر «إجراءات الدعم الإلكترونية» بوجود مسيرات. وسلمت شركة MCTECH هذا النظام إلى البحرية التايلاندية. وهذا النظام المتحكم به من على متن السفينة قادر على صد أو تدمير مسيرات معادية من على متن سفن راسية أو مبحرة.
وغالباً ما تُستخدم الأنظمة البصرية الإلكترونية EO لمهام المراقبة، وحيازة الأهداف، وكذلك كأنظمة إدارة رمي على متن السفن. وتتوافر أنواع مختلفة من أنظمة «بصرية إلكترونية / أشعة تحت الحمراء» (EO/IR) للسفن البحرية وللاستخدام الشاطئي بما في ذلك نظام SPYNEL من شركة «أتش جي أتش» HGH وعائلة «نظام المراقبة البحرية» iSEA Family و SPEED ER من شركة «كونتروب» Controp. وتوفر كاميرات حرارية بانورامية، استخدام آلات تصوير سريعة دوارة، وتغطية على مدار 360 درجة وترصد أهداف عديدة في آن، فوق السطح وفي الجو. وتقوم تقنيات الرؤية الكومبيوترية الحديثة المتطورة برصد وتعقب أهداف عديدة بالتزامن معاً وذلك بالتمييز بين الأجسام غير القتالية من خلال بصمتها وسلوكها. ويستخدم الرادار أو نظام إجراء الدعم الإلكتروني (ESM) مستشعرات (EO/IR) لرصد وتعقب وتحديد هوية الأهداف المشتبه بها. ويمكن لحمولات المستشعرات، المعززة بمستوى عال من الاستقرار والدقة، أن تحدد موقع أجسام طائرة صغيرة وتستهدفها لصالح أنظمة سلاح أخرى.
وتسعى البحريات، في مواجهة تحديات تحتمائية متنامية، إلى اعتماد مستشعرات صوتية لرصد النشاطات. وفيما بإمكان أجهزة السونار المركبة على مقدم السفينة والأخرى المقطورة خلفها أن ترصد أجساماً كبيرة (غواصات، طوربيدات سريعة ومصدرة للضجيج، إلخ..)، فإنّها لا يسعها أن تتعامل مع أجسام بطيئة، أو ثابتة أو صغيرة على غرار «العربات التحتمائية غير الآهلة» (UUV) أو الألغام، خصوصاً من على متن سفينة مبحرة. وقد طورت شركة «دسيت صوليوشنز» DSIT Solutions، المتخصصة بأجهزة السونار، جهاز «الإنذار ورصد الطوربيدات» MonkFish (TDAS) لهذا الغرض. وإذا ما رُكب كجهاز سونار ثانوي مركب على مقدم السفينة، فبإمكان MonkFish أن يعمل إلى جانب جهاز السونار الرئيسي. وقد صُمم لرصد العربات التحتمائية، وأجهزة رصد غاطسة، والطوربيدات المتقدمة، أو حتى سفن ثابتة أو متحركة.
ومن شأن مراقبة مناطق ساحلية كبيرة ومداخل الموانئ أن يساعد في حمياة السفن والمنشآت الشاطئية من جميع التهديدات التحتمائية. وتتحقق مثل هذه المراقبة عبر شبكة من مستشعرات SeaShield النشطة-الخاملة التي تبني حاجزاً افتراضياً مضاداً للغوصات، وتحرس في مواجهة التهديدات التحتمائية. وتؤمن هذه المستشعرات ذات المراقبة المركزية، المرتبطة في ما بينها بكابلات ألياف بصرية، رصداً وتعقباً وتصنيفاً أوتوماتيكياً للأهداف التي تحظى بالاهتمام. وتوفر شركة DSIT المتخصصة حلاً مستقلاً للمنصات الشاطئية ومراقبة الموانئ - وهو AquaShield. وجرى اختبار جهاز السونار الراصد الغاطس في العام 2018 لصالح برنامج الاختبار التكنولوجي البحري STILETTO لدى البحرية الأميركية، حيث نفذ رصداً وتعقباً وتصنيفاً أوتوماتيكياً للعربات التحتمائية غير الآهلة وأجهزة الرصد الغاطسة.
ويعتبر إدماج مُخرجات العديد من المستشعرات والبيانات ضرورياً لتحسين إدراك الوعي المحيط والاستجابات الفعالة. وتتطلب المهام المضادة للمنصات غير الآهلة مقاربة إدماجية لتطوير إدراك الوضع المحيط على مدار 360 درجة من حول منشأة أو منصة ما. ويعتبر NiDAR، من صنع مجموعة «مارس غروب» MARSS Group ومقرها موناكو، مثل هذا النظام. والقصد من وراء هذا النظام هو في الأساس ضمان أمن اليخوت الضخمة الفاخرة. ويوظف NiDAR خوارزميات برمجية ذكية للقيام برصد ذاتي ومستقل وذكي، فضلاً عن تصنيف الأجسام الجوية والسطحية والتحتمائية والاستجابة لها بغية تحديد مستويات التهديد المحتمل وبالتالي إطلاق الإنذار المناسب.

بدأت Naval Group بالتعاون مع Icarus Swarms بتشغيل هجمات شاملة من المسيرات في إطار سيناريو هجوم معاد RED TEAM لاختبار مدى مناعة الأنظمة المضادة لـ «مواجهة الأنظمة الجوية غير الآهلة» C-UAS بغية تقييم المخاطر
تحديات التعقب

نفذت شركة «وايبل ساينتيفك» Weibel Scientific عملية تطوير مكثفة داخل الشركة أثمرت إنتاج العائلة الجديدة من منتج «إكزنتا»XENTA ، وهو جيل حديث من رادارات الدفاع الجوي القصيرة المدى المضادة للمسيرات. وصمم هذا النظام الراداري الفائق التطور لرصد وتعقب وتصنيف أهداف «منخفضة البصمة وبطيئة وصغيرة» على غرار «العربات الجوية غير الآهلة» - وتهديدات جوية تقليدية من مثل المقاتلات والطوافات. وتلبي عائلة XENTA المتطلبات الصارمة لرصد المسيرات والمراقبة الجوية – بما في ذلك التطبيقات الخاصة بالبنى التحتية الحساسة والحدود، والتحكم بمحيط المنشآت، والدفاع الجوي. وهي توفر رصداً وتعقباً وتصنيفاً ثلاثي الأبعاد عالي الأداء عبر دمج أشكال أشعة الصفيف الرقمي «الموجة المتواصلة ذات التردد المتضمن» (FMCW) و«الموجة المتواصلة» (CW) مع المسح الدينامي المتطور لبيئة التشويش والمعالجة الرقمية لـ «مؤشر الأهداف المتحركة» (MTI-D).
وتضاعف هذه الرادارات المسافة التي يمكن فيها رصد أدنى إشارات الـ Doppler الصغرية. كما يمكن للرادارات أن تتعقب مسيرة صغرية من نوع DJI SPARK على مسافة تفوق 2.5 كلم، مع تصنيف لبصمة Doppler صغرية للدواسر الدافعة لها على مسافة تتعدى 1.5 كلم. وبالوسع تعقب مسيرة DJI PHANTOM IV على مسافة تصل إلى 6 كلم مع تصنيف لها يصل إلى 4.5 كلم.

يستخدم نظام SKY LORD من شركة XTEND عربة جوية غير آهلة صغيرة اعتراضية يمكنها الاشتباك مع المسيرات المهاجمة عبر الانقضاض على المسيرة بشبكة إمساك واعتقال محمولة جواً تقطرها المسيرة الاعتراضية
إجراءات مضادة للقتل الناعم والقتل الخشن

عندما تُرصَد عربة غير آهلة ويتم تعريفها كتهديد، تُستَخدم إجراءات مضادة للقتل الناعم [الإلكتروني] والقتل الخشن [التدميري بالأسلحة] لصَدّها أو تدميرها. ويعتبر التشويش الإلكتروني أحد أكثر الإجراءات المضادة شيوعاً. فهو يُصدر بروتوكولات تشويش لإحداث اضطراب في قناة التحكم بالمسيرة وحرمانها من «تحديد الموقع العالمي» (GPS) بغية تشتيت ملاحتها أو توجيهها. ومع ذلك، يمكن لذلك أن يحدث فوضى شديدة على متن السفينة، إذ إنّ مهامها ودفاعها الذاتي تعتمد على الأنظمة الإلكترونية التي تؤثر فيها على أجهزة التشويش.
وعند نشر المسيرات التجارية، يمكن للمدافعين أن يخترقوا ويختطفوا المسيرة بوسائل الهجوم السيبراني، وهو ما لا ينفع دائماً مع المسيرات العسكرية. ومهما يكن من أمر، فإنّ هناك حلولاً مثل نظام ECLIPSE من مجموعة «أن. أس. أو غروب» NSO Group تتيح للمدافعين السيطرة على عربة جوية غير آهلة متوغلة والهبوط بها بأمان، ما يتيح لآسريها تحليل طبيعتها وتقييم مستوى تهديدها.
وتوفر شركة «سيتاديل ديفنس» Citadel Defense النظام المضاد للأنظمة الجوية غير الآهلة TITAN للاستخدام الآمن على متن السفن. وخضع هذا النظام لعمليات تقييم ونشر مكثفة على متن مدمرات وحاملة طائرات تابعة للبحرية الأميركية للتثبت من فاعلية تشغيلها على متن السفن. ويرصد نظام TITAN المسيرات من مسافة تصل إلى 2.5 ميل ويطلق إجراءات مضادة تصاعدياً بـ «التردد الراديوي» RF بغية التصدي للتهديد المرصود من دون التدخل مع الاتصالات من حوله. ويوظف هذا النظام خاصية «تعلم الآلة» و«الذكاء الاصطناعي» لتحديد هوية الأهداف وتحديث مكتبته الخاصة بالتهديدات بإضافة خصم جديد ما أن يتم رصده. ووفقاً لشركة Citadel، يرصد TITAN وصلات الاتصالات التحكمية للمشغل، والأخرى الفيديوية، وتلك العاملة بالمقياس البعادي telemetry، وتقنية التشبيك اللاسلكية الـ «واي فاي» Wi-Fi من 400 ميغاهيرتز إلى 6 جيغاهيرتز لتحديد أماكن تهديد المسيرات جواً، وبراً، وبحراً. وقد أثبت هذا النظام نجاحه في إحباط تهديدات مسيرات فردية، وهجماتٍ لسرب مندفع منها وذلك بدقة تامة على مسافات تباعدية تتخطى خط النظر.
وأصبحت الهجمات الشاملة بسرب من المسيرات مصدر قلق كبير بسبب «حصانتها كمجموعة». وبدأت Naval Group بالتعاون مع الشركة الفرنسية «إيكاروس سوارمز» Icarus Swarms والشركة المتفرعة عنها «سيرتيفنس» CERTIFENCE، بتشغيل هجمات شاملة من المسيرات وفي إطار سيناريو هجوم معاد RED TEAM لاختبار مدى مناعة الأنظمة المضادة لـ «مواجهة الأنظمة الجوية غير الآهلة» C-UAS بغية تقييم المخاطر. وتم إجراء مثل هذه التقييمات عبر بروتوكول من 15 اختباراً وظف مجموعات من مسيرات حقيقية. وأثبتت شركة CERTIFENCE، في تحد للأنظمة الدفاعية بمختلف أنواعها، أن معظم هذه الأنظمة الحالية لا يسعها الصمود أمام حتى أصغر مجموعات المسيرات. إن المسيرات الصغيرة لا يسعها تدمير سفينة، لكنها حينما تستهدف مستشعرات السفينة، وأنظمتها الدفاعية، و«نظام السلاح الدائري من كثب» (CIWS) فيها، فإنّها تحد من القدرة الدفاعية للسفينة وتفتح الطريق أمام هجوم فتاك بأسلحة أثقل بكثير.
وهناك إجراء أكثر عدائية إلى حد ما هو الاعتراض المادي. فنظام SKY LORD من شركة «أكستاند» XTEND تستخدم عربة جوية غير آهلة صغيرة اعتراضية يمكنها الاشتباك مع المسيرات المهاجمة عبر الانقضاض على المسيرة بشبكة إمساك واعتقال محمولة جواً تقطرها المسيرة الاعتراضية. وتجمع عربة SKY LORD معاً توجيه الواقع المعزز (AR) وتكنولوجيا التحكم لتمكين مشغلها من تأدية عملية الاعتراض بكل سهولة ودقة.
وتستخدم أنواع مختلفة من شبكات الإمساك والاعتقال بالفعل أيضاً ضد منصات غير آهلة. وتُنشر شبكة الاعتراض لـلعربة التحتمائية غير الآهلة STINGRAY UUV من صنع شركة «ماريتايم أريستينغ تكنولوجيز» Maritime Arresting Technologies المختصة على طول مسرى تحرك الهدف، أمام عربة تحتمائية غير آهلة مشتبه بها. وتحمي شبكة STINGRAY عمود المياه بأكمله، الممتد من سطح الماء وصولاً إلى قعر البحر.

اختبرت البحرية الأميركية «نظام السلاح الليزري التجريبي» (LWSD) صنعNorthrop Grumman على متن سفينة النقل البرمائية PORTLAND (LPD-27)
القتل الخشن بالقوة الحركية

يمكن للمدافع وأجهزة الليزر، إذا ما استُخدمت كجزء من إجراءات دفاعية بحرية قائمة، أن تحدث تأثيراً مدمراً للمسيرات. لكن هذه الأسلحة تحتاج أيضاً إلى بعض التعديل للتكيف. فالرادارات الحالية المرتبطة بِـ «أنظمة السلاح عن قرب» (CIWS) غير مهيأة لتعقب أهداف بطيئة. وعلاوة على ذلك، فإن تدمير مجموعة من المسيرات أو الأسلحة الحوامة على بعد بضع مئات من الأمطار عن السفينة قد يثير التحديات، خصوصاً عندما ينفذ سرب مندفع من المسيرات مناورات منسقة تشتت تركيز المدافع عن التهديد الرئيسي.
ومثل هذه التعديلات التكييفية أجريت مؤخراً على «محطة السلاح البحري المشغلة عن بعد» TYPHOON Mk-30C (NRWS) عيار 30 ملم من صنع شركة «رافاييل» RAFAEL، التي جرى تعديلها لتتكيف مع أداء دور نظام مضاد للأنظمة الجوية غير الآهلة C-UAS. ومن بين التحسينات التي أجريت زوايا ارتفاع وانخفاض قصوى للمدفع الرشاش والاستقرار المحسن لنظام التهديف «البصري الإلكتروني/الأشعة تحت الحمراء» EO/IR التابع لهذا النظام بغية تمكين تعقب هذه الأهداف الصغيرة والاشتباك معها. ومن أجل الاشتباك مع الأهداف على المدى الأقصى، توظف محطة السلاح NRWS رصداً نشطاً للأهداف يبحث عن كامل حقل الرؤية لاكتشاف أي مواصفات هدف معروف ومن ثم تسليط الضوء عليه لتقييم فوري من قِبل الرامي. وقد أثبتت محطة السلاح NRWS، باستخدام ذخائر قابلة للبرمجة منفجرة جواً، مدى مقدرتها على تحييد مسيرات على أمداء تراوح بين 2 و 3 كلم.
وتتيح التحديثات البرمجية معالجة لرؤية كومبيوترية في الوقت الحقيقي لرصد أهداف، وتحديد هويتها وتعقبها. ومن شأن هذه التحسينات أن تعزز الدقة وذلك عبر اعتماد قدرة تهديف مؤتمتة تشتمل على خليط متنوع من المستشعرات المتزامنة المتعددة الأطياف، والأسلحة، والذخائر الموجهة الذكية يثمر دقة إصابة عالية. وتحسن تكنولوجيات «التعرف والتصنيف والتعقب الأوتوماتيكي للهدف» (ATR)، و«الحيازة الأوتوماتيكية للهدف» (ATA) من قدرة الرصد والتعرف على هوية الأهداف الصغيرة المراوغة وتصنيفها وتعقبها.
ويتطلّب الاشتباك مع أهداف ما دون سطح الماء أيضاً ذخيرة خاصة. وثمة مبدأ طورته البحرية الأميركية يجمع معاً تأثير الذخيرة الخارقة للدروع مع القدرة على إطلاق النيران مباشرة عبر المياه باستخدام تأثير «التجوف الخارق» super-cavitation. وفيما يخترق المقذوف داخل المياه يتغلف بفقاعة هواء منخفضة الضغط، بما يخفض من قوة الجر أو السحب بشكل كبير. ويعني هذا التأثير المزدوج أن الذخيرة ذاتها يمكن إطلاقها ضد أهداف سطح وأخرى منغمسة تحت الماء.

تُخطط البحرية الألمانية لاختبار جهازها الليزري قريباً. وسيستخدم المشروع الأولي وحدة ألياف ليزرية بقوة 20 كيلواط من صنع  Rheinmetall، مركّبة على فرقاطة فئة F124 SACHSEN
دفاع عند سرعة الضوء

من شأن الأسلحة المستقبلية المضادة للأنظمة الجوية غير الآهلة C-UAS أن تعزز تطوير الأسلحة الليزرية. ويختبر العديد من البحريات بالفعل أسلحة ليزرية، من بينها بحريات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا. وتعتبر أجهزة الليزر فعالة ضد الأهداف الناعمة من مثل المسيرات والزوارق السريعة وهي تشغل على نحو مستقل أو تعزز أنظمة دفاعية أخرى على متن السفينة لإحباط هجمات صاروخية متزامنة.
وتتحرك البحرية الأميركية سريعاً لكي تضم أسلحة ليزرية تعزز حماية سفنها القتالية. وفي العام 2020، اختبرت البحرية الأميركية «نظام السلاح الليزري التجريبي» (LWSD) من صنع شركة «نورثروب غرومان» Northrop Grumman على متن سفينة النقل البرمائية PORTLAND (LPD-27). ويصار إلى تطوير «النظام المانع للانبهار البصري - البحرية» Optical Dazzling Interdictor - Navy (ODIN). وأدمج النموذج الأولي في العام 2020 على متن السفينة الأميركية USS DEWEY (DDG-105)، وهي مدمرة مزودة بصواريخ موجهة من فئة ARLEIGH BURKE. ونظام ODIN المانع للانبهار، وهو من صنع شركة «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin، هو أقل مقدرة من «نظام السلاح الليزري الاختباري» (LWSD) لكنه يحقق تأثيراً على مدى أبعد بكثير إذ إنّه مصمم لتضليل وإعماء المستشعرات البصرية الإلكترونية بدلاً من تدمير التهديدات الداهمة.
وتُخطط البحرية الألمانية لاختبار جهازها الليزري قريباً. وسيستخدم المشروع الأولي وحدة ألياف ليزرية بقوة 20 كيلواط من صنع شركة «راينميتال» Rheinmetall، مركّبة على فرقاطة فئة F124 SACHSEN. ويتألف هذا المدمر الليزري من 12 وحدة ألياف ليزرية متماثلة تقريباً بقوة 2 كيلوواط لكل منها مع جودة للشعاع الليزري المحدود الانحراف. ويقوم مدمِج للأشعة بتوحيد الأشعة الـ 12 للألياف الليزرية بغية دمجها في شعاع ليزري وحيد ذي قدرة بمستوى أسلحة. وثمة إمكانية نمو لهذا الإدماج التراكبي حتى مستوى أداء 100 كيلوواط.

فهم جديد للإجراءات المضادة

لكن الاستعجال في إضافة قدرات مكافحة الأنظمة الجوية غير الآهلة C-UAS على متن السفينة ليس بالأمر الضروري، فالمستشعرات والإجراءات المضادة ينبغي اختبارها بعناية فائقة وإدماجها بتأنٍ مع أنظمة السفن، فيما يتعين تطوير مفاهيم التشغيل لتغطي التهديد الداهم الذي تُشكّله المسيرات الصغيرة والبطيئة مع تجنب التشويش على أنظمة السفينة وتعطيل عملها.

تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2022
رقم الصفحة
30

أخر المقالات