السلاح الروسي في سوريا... بين التجربة والابتكار

المترجم

كانت الحرب في سوريا فرصة جيدة للجيش الروسي، على مستوى القيادات العليا والميدانية على حد سواء، لاختبار مدى القدرة المتوفرة على تحسين المستوى العملاني، والتنسيق المشترك بين الأسلحة والقيادات المشتركة، وتمكين آلاف الضباط من اكتساب الخبرات القتالية اللازمة، وكذلك إعطاء الصناعة العسكرية الروسية فرصة توسيع مبيعاتها من الأسلحة على المستوى الدولي، وتحديد أولويات تحديث الأسلحة والمنظومات الحالية في المستقبل القريب، وخصوصاً أن وزير الدفاع الروسي أقرّ أواخر العام الماضي بأن روسيا قامت بتحديث ما يقارب 350 نوعأً من أنواع المنظومات القتالية والدفاعية في ضوء نتائج وخبرات المعارك في سوريا.
 في ما يلي عرض لأهم التجارب التي تعرضت لها الأسلحة الروسية في سوريا.
ناقلة الجند المدرعة  BTR-82A: أداء العربات المدرعة الروسية خلال معارك سوريا بشكل عام،   كان جيداً إجمالاً . على امتداد المعارك السورية، لم تتضرر المدرعات الروسية من هذا النوع سوى في مناسبتين، الأولى كانت في شباط/فبراير 2016، قرب قرية الباردة غربي مدينة حمص، والمناسبة الثانية كانت جنوب إدلب مؤخراً.
العربة التكتيكية المدرعة Tiger-M: من العربات الروسية المدرعة التي تعرضت لاختبارات مكثفة خلال معارك سوريا، العربة التكتيكية المدرعة «تايغر-أم»، التي تعد العربة المدرعة القياسية لقوات الشرطة العسكرية الروسية، إلى جانب مشاركتها في مهام الاستطلاع، وحراسة قوافل المساعدات، وغيرها من المهام المساعدة.
العربة المدرعة المتعددة المهام  Tiger-Next:  أظهرت هذه التجارب بعض العيوب المتعلقة بتدريع هذه العربة، وضرورة إنتاج نسخ أكثر تسليحاً منها، أثمرت عن تطويرات جديدة على هذا النوع من العربات المدرعة. وقد ظهرت أولى ثمار هذا التطوير خلال منتدى  Army 2019، الذي انعقد في حزيران/يونيو 2019، حيث تم عرض المدرعة المتعددة المهام Tiger-Next. وفي هذا الطراز، تمت الاستفادة من التجارب الميدانية التي جرت خلال المعارك في سوريا، حيث تمت زيادة تدريع هذه العربة ليصبح من الدرجة الثالثة، ما يسمح لها بتحمل العيارات النارية الخفيفة والمتوسطة، إلى جانب الألغام، حتى زنة 6 كيلوغرام من مادة TNT.
من ضمن الآليات القتالية التي اختبرها الجيش الروسي في سوريا، كانت العربة القتالية الثقيلة «ب أم بي تي تيرميناتور» BMPT Termintor. وتمّ تطوير عدة عربات قتالية جديدة، منها الطراز الأحدث من عربة القتال الثقيلة «تي 15-أرماتا» T-15 Armata، التي تم تزويدها ببرج قتالي يحتوي على مدفع قوي من عيار 57 ملم، إلى جانب صواريخ موجهة مضادة للدروع.
 

الدبابة الروسية الجديدة T-14 Armata

 آخر ما تم اختباره من منظومات جديدة في سوريا، كانت دبابة القتال الرئيسية «تي-14 أرماتا» T-14 Armata الروسية الجديدة ومنظومة «راتينك» الفردية القتالية. ففي أيار/مايو 2017، صرح نائب وزير الدفاع الروسي، يوري بوريسوف، أن روسيا اختبرت منظومة «راتينك» الفردية القتالية في سوريا، وهي منظومة تتكون من معدات الحماية والاتصالات والأسلحة والذخيرة، يتزود بها جنود المشاة، وتوفر لهم معلومات محدثة عن الوضع المحيط بهم في ميدان القتال، كما توفر لهم بقاء أفضل في الظروف القتالية المستمرة، إلى جانب معدات متقدمة للإعاشة والمبيت.
وفي ما يتعلق بدبابة «تي-14 أرماتا»، صرح وزير الصناعة والتجارة الروسي، دينيس مانتوروف، في نيسان/أبريل 2020، أن الجيش الروسي قام باختبار ميداني لدبابات «أرماتا» في سوريا.

«البانتسير».. أداء ثابت رغم التحديات المستحدثة:  تعدّ منظومات الدفاع الجوي الذاتية الحركة «بانتسير» Pantsir  من أبرز المنظومات التي تم نشرها لحماية أماكن تمركز سلاح الجو الروسي في سوريا، وخصوصاً قاعدة حميميم الجوية، حيث اعتمدت عليها قيادة الجيش الروسي من أجل دعم وحماية منظومات الدفاع الجوي البعيدة المدى «أس-400» S-400، وأيضاً مكافحة نشاط الطائرات المسيرة التي هاجمت مراراً القاعدة. وفي كلّ مرة، أثبتت منظومة «بانتسير» نجاحها في مواجهة هذه التهديدات.
نتائج التجربة الروسية في سوريا أثمرت عن تحديث منظومات «بانتسير» جذرياً، ففي منتدى Army 2019، تم عرض الطراز الأحدث من هذه المنظومة تحت اسم «بانتسير-إس إم»Pantsir- SM، حبث تم تحديث الرادار الرئيسي الخاص بها، ليصبح ذا مصفوفة مسح إلكتروني نشط، ما يوفر للمنظومة مدى كشف أكبر يصل إلى 75 كيلومتراً بالمقارنة مع الطرز السابقة التي كان مدى الكشف الراداري فيها لا يتعدى 40 كيلومتراً. 
في ما يتعلّق بالتسليح، تم تزويد المنظومة بصواريخ ذات سرعة أكبر، تسمح لها بمدى استهداف أكبر يصل إلى 40 كيلومتراً مقارنة بـ20 كيلومتراً في الطرزالسابقة. كذلك، تم تحميل المنظومة الجديدة على عربة ثمانية الدفع من إنتاج شركة «كاماز». ويتوقع أن تدخل المنظومة الجديدة إلى الخدمة في الجيش الروسي في العام 2021.
 

نظام الدفاع الجوي الذاتي الحركة  Pantsir- SM

منظومة «بريزيفت» Peresvet الليزرية.. استخدام ميداني فريد من نوعه:  في حزيران/يونيو 2018، تحدثت عدة مواقع عسكرية روسية، من بينها موقع «أفيابرو»، عن إدخال الجيش الروسي منظومة الليزر القتالية Peresvet إلى ميدان العمليات السوري من أجل اختبارها ميدانياً. 
والجدير بالذكر أنَّ منظومة «بريزيفت» الليزرية تمّ الإعلان عنها للمرة الأولى في تموز/يوليو 2018، وهي منظومة ذاتية الحركة مضادة للصواريخ تم إدخالها بالفعل ضمن تسليح منظومة الدفاع الجوي الروسية المحيطة في العاصمة موسكو، وهي عبارة عن منصة إطلاق لأشعة الليزر، مثبّتة على متن شاحنات من نوع «كاماز»، وتقوم بمعاونة وحدات الرادار وإدارة النيران برصد واستهداف القذائف المعادية بكل أشكالها، مثل قذائف الهاون، وقذائف المدفعية الصاروخية، وصولاً إلى الصواريخ التكتيكية القصيرة والمتوسطة المدى والصواريخ الباليستية والجوالة.

الروبوطات القتالية.. 
تجربة محدودة لكن مهمة:  اختبر الجيش الروسي خلال عملياته في سوريا نوعين من أنواع الروبوطات القتالية، الأول هو الروبوط القتالي المتعدد المهام «أوران-9» Uran-9، الذي تم نشره بشكل محدود خلال  العام 2018.   تم الكشف للمرة الأولى عن هذا الروبوط في أيار/مايو 2018 خلال عرض عسكري روسي، وتم تزويده بمدفع أوتوماتيكي من عيار 30 ملم، إلى جانب صواريخ «أتاكا» Ataka المضادة للدروع التي يصل مداها إلى 6 كيلومترات، ورشاش عيار 7.62 ملم. ويستطيع هذا الروبوت التزود بصواريخ مضادة للطائرات.
النوع الثاني من أنواع الروبوطات القتالية هو كاسحة الألغام «أوران-6» Uran-6، التي استعانت بها وحدات الهندسة العسكرية الروسية في عمليات نزع الألغام والعبوات المتفجرة في مدن مثل حلب وتدمر.
 

الروبوط القتالي المتعدد المهام Uran-9
سلاح الجو الروسي.. المستفيد الأكبر من العمليات في سوريا

أدخل سلاح الجو الروسي في كانون الأول/ديسمبر 2018 إلى الأجواء السورية مقاتلته الشبحية من الجيل الخامس «سوخوي 57» Su-57، كي يتم اختبارها بشكل عملي في أجواء شبه قتالية، وكان هذا تتويجاً لسنوات من العمليات الجوية الناجحة التي نفذها سلاح الجو الروسي في سوريا منذ نهاية أيلول/سبتمبر 2015 وحتى الآن.
ظهرت أهمية التجربة الروسية في سوريا من خلال تصريحات وزير الدفاع سيرجي شويغو، الذي قال إن 90 في المائة من ضباط وأفراد القوات الجوية الروسية، بما في ذلك قادة وفنيّو القاذفات والطائرات المقاتلة والقاذفات البعيدة المدى وطائرات النقل، نفذوا عمليات قتالية في الأجواء السورية، وبعض الطيارين قاموا بأكثر من 200 طلعة قتالية، وهو ما يعني عملياً تمكّنهم من اختبار مناورات جوية مختلقة وتكتيكات هجومية متنوعة، وخصوصاً أن سلاح الجو الروسي استخدم كل أنواع الطائرات المقاتلة والقاذفة المتوفرة لديه، بما فيها قاذفات  Su-24 و Su-25، ومقاتلات   Su-3 و Su-35، والقاذفات الاستراتيجية   Tu-160و Tu-95، وحتى المقاتلات البحرية MiG-29K العاملة على متن حاملة المروحيات «كوزنيتسوف».
بدأت القاذفات الاستراتيجية الحاملة للصواريخ الأسرع من الصوت طراز Tupolev Tu-160، والتي تدعى بِـ «البجعة البيضاء» لأنها تشبه البجعة، والتي يطلق عليها في الغرب اسم «بلاك جاك»، بدأت العمل في العام 1987. ومع ذلك، فإن أول استخدام قتالي لها حدث في سوريا في العام 2015، بحسب تقرير تم نشره على «راسيسكايا غازيتا»، عام 2017.
 

أدخل سلاح الجو الروسي في كانون الأول/ديسمبر 2018 إلى الأجواء السورية مقاتلته الشبحية من الجيل الخامس Su-57، كي يتم اختبارها بشكل عملي في أجواء شبه قتالية

قاذفة الصواريخ الهائلة، التي تعتبر رادعاً نووياً، دمرت الإرهابيين بالذخيرة التقليدية - القنابل الجوية «KAB-500» والصواريخ الجوالة «Kh-101».
صياد الليل Mi-28N، هي طوافة هجومية روسية، تتميز بنيرانها المنتشرة في جميع الجهات. قامت Mi-28 بأول رحلة لها في العام 1982، ومنذ ذلك الحين ظهرت العديد من التعديلات على الطوافة. وفي العام 2015، بدأ استخدام «صياد الليل» ضد الإرهابيين في سوريا.
تتمثل إحدى الميزات الرئيسية للطوافة في قدرتها العالية على المناورة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لها تنفيذ مهام قتالية في أي وقت من اليوم، نهاراً وليلاً، لذلك أطلق عليها لقب «صياد الليل». وباستطاعتها  أن تحمل أيضًا صواريخ جو - أرض موجهة (مضادة للدبابات) أو غير موجهة (ضد المشاة والعربات الخفيفة).
يتم أيضاً توفير إمكانية تركيب صواريخ جو - جو، ما يسمح لطوافة Mi-28UB المطورة بتدمير ليس فقط الطائرات والطوافات، ولكن أيضًا طائرات غير آهلة صغيرة الحجم وحتى صواريخ جوالة.
طوافة Ka-52K هي الطراز المحمول على متن السفن من Ka-52 وهي مخصصة للقيام بالدوريات، والدعم الناري للمشاة على اليابسة، وحل مهام الدفاع المضادة للتأثير على خط المواجهة في أي مكان، واي وقت من اليوم.
 

الطوافة الهجومية الروسية Mi-28N
سفن متعددة المهام

» هي سفن متعددة الأغراض، ويشتمل تسليح هذه السفن على مدفعية «A-190»، ومدافع رشاشة عياري 14.5 و7.62 ملم، بالإضافة إلى نظام دويتو للمدفعية المضادة للطائرات، والصواريخ   المضادة للسفن Kalibr-NK و Onyx.
خلال الحرب في سوريا، لم تتمكن صواريخ كاليبر من الخضوع لمعمودية القتال فحسب، بل اكتسبت أيضاً شهرة عالمية، حيث أصبحت ضربات هذه الصواريخ على الأهداف، والتي تم تصويرها بواسطة طائرات دون طيار، وكذلك تسجيلات فيديو لإطلاقها، من إحدى معالم البحرية الروسية.
وعلى عكس منافسيها، يمكن لِـ «كاليبر» الطيران بمدى واسع من السرعات والتحول من سرعة دون سرعة الصوت إلى 3 أضعاف سرعة الصوت (Mac 3) . ويتم توجيه الصواريخ باستخدام الرادار النشط لمكافحة التشويش، والصواريخ قادرة على اختراق أي دفاع مضاد للطائرات والصواريخ.
في سوريا، تم إطلاق كاليبر من سفن صغيرة مثل «أوغليتش»  Uglich  و«غراد سفيجايسك»  Grad Sviyazhsk  و«فيليكي أوستيغ»  Veliky Ustyug  و«زيلوني دول» Zeleny Dol  و «سيربوخوف»  Serpukhov  وكذلك  أنواع أخرى من السفن والغواصات.
حاملة الطائرات الروسية Admiral Kuznetsov: قد يبدو مفاجئاً للبعض أن حاملة الطائرات الروسية، الأدميرال كوزنيتسوف، التي دخلت رسميًا في البحرية الروسية في 20 يناير/كانون الثاني 1991، تم استخدامها للمرة الأولى خلال عملية قتالية حقيقية في سوريا فقط. وباستطاعة هذه الحاملة المسماة باسم «أميرال أسطول الاتحاد السوفيتي كوزنيتسوف» استيعاب ما يصل إلى 50 طائرة حربية وطوافة.
قبل التحديث، كانت الحاملة تحمل مقاتلات من طراز MiG-29 وSu-33، ونسخة تدريبية من طائرات الهجوم Su-25 UTG وطوافات Ka-27. ولكن في العام 2016، تلقت حاملة الطائرات فوجاً جوياً مختلطاً محدثاً، والذي يعتمد على أحدث طراز محمول على متن السفن من طائرات MiG-29 وطوافات Ka-52K. والحاملة مزودة أيضاً بِـ 12 قاذفة صواريخ جوالة مضادة للسفن، وللطائرات، وقاذفات القنابل المضادة للغواصات. 

تم استخدام حاملة الطائرات الروسية «الأدميرال كوزنيتسوف» للمرة الأولى خلال عملية قتالية حقيقية في سوريا فقط
المدن
الدول
المستخدم النهائي
تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2021
رقم الصفحة
16

أخر المقالات