البرامج الأوروبية للدفاع الجوي المرتكز أرضاً

عادت أنظمة الدفاع الجوي إلى الواجهة مجدداً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. ويُركز جان أوران Jean Auran، المحلل الدفاعي والأمني الفرنسي، في مقالة له في نشرة «يوروبيان سيكيورتي أند ديفنس»، على أنظمة «الدفاع الجوي المرتكز أرضاً» (GBAD) الأوروبية، والمبادرات السياسية في هذا المجال، والقدرات الأوروبية والتعاون في ما بين الأوروبيين، مع مراجعة لأبرز برامج الاستحواذ على هذه الأنظمة.

أصبحت أوروبا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير العام 2022، مدركة تماماً لنقاط ضعفها من ناحية الدفاع الجوي وأطلقت العديد من المبادرات لتجديد مخزوناتها بعد تسليم العديد من الأنظمة لأوكرانيا. وفي تشرين الأول/أكتوبر العام 2022، وخلال اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي «الناتو» في بروكسل، كُشف النقاب عن خطط لتعزيز الدفاعات الجوية الأوروبية، على وقع استمرار ضربات الصواريخ والمسيرات الروسية للمدن الأوكرانية. وتهدف «مبادرة درع السماء الأوروبية» European Sky Shield initiative (ESSI) إلى إنشاء درع مضاد للصواريخ، الذي يجمع معاً أنواعاً من المعدات من مثل نظام الدفاع الصاروخي جو-جو المتوسط المدى IRIS-T ونظام «باتريوت» PATRIOT، وكذلك نظام Arrow 3 المصمم لتدمير الصواريخ البالستية. وقد شاركت سبع عشرة دولة في هذه المبادرة بعد انضمام الدنمارك والسويد إلى البرنامج في شباط/فبراير العام 2023. كما تدرس النمسا المشاركة في مبادرة ESSI حتى ولو بقيت بولندا، وأسبانيا، وفرنسا، والبرتغال خارج المشروع. وبالنسبة إلى باريس، ترى في هذه المبادرة اختراقاً كبيراً للسيادة الأوروبية، وتُعتبر من وجهة النظر الصناعية فرصة لإعادة إطلاق نظام الدفاع الصاروخي RIS-T. وتستأثر الصناعة الدفاعية في أوروبا بعدد كبير من المُصنّعين البارزين في حقل الصواريخ المضادة للطائرات. أولها وأبرزها شركة «مبدا» MBDA، وهي مشروع مشترك بين «ايرباص» Airbus (37.5%)، و«ب أيه إي سيستمز» BAE Systems (37.5%)، و«ليوناردو» Leonardo (25%) الناشئة عن اندماج شركات «ماترا ب. أيه. إي. دايناميكس» Matra BAe Dynamics، و«ايروسباشيال ماترا ميسيلز» Aerospatiale Matra Missiles و«ألينيا ماركوني سيستمز» Alenia Marconi Systems. وكانت شركة MBDA، بعد فوزها بعقد كبير من فرنسا وإيطاليا لإنتاج صواريخ من عائلة «أستر» Aster (بقيمة تقارب 2 ملياري يورو)، قد وقّعت عقداً لإمداد صواريخ CAMM، المتوسطة المدى، إلى بولندا. وقد تلقى مصنّع الصواريخ الأوروبي بالفعل مزيداً من الطلبيات تصل قيمتها إلى 4 مليارات يورو في غضون أربعة أشهر. وتُنتج شركة «تاليس» Thales رادارات وقدرات «قيادة وسيطرة» (C2) عالية الجودة لأنظمة الدفاع الجوي، إضافة إلى صواريخ أسطورية على غرار StarStreak و LMM. وقد دعمت ألمانيا شركة «ديهل» Diehl، التي تُنتج الصاروخ IRIS-T، ونسخته المرتكزة أرضاً، باشتقاقَيْها القصير المدى والمتوسط المدى. وإضافة إلى ذلك قررت شركة Diehl و«هنسولدت» Hensoldt في نيسان/أبريل العام 2022 تكثيف تعاونهما. وينتج المصنّع السويدي «ساب» Saab صاروخ RBS 70، بما في ذلك اشتقاق «الجيل الجديد» NG. وتوفر الشركة أيضاً رادارات مثل الرادار المتعدد المهام الثلاثي الأبعاد Giraffe 1X. وتعكف شركة «كونغزبيرغ» Kongsberg النروجية، بالشراكة مع «رايثيون» Raytheon، على تطوير «نظام الصاروخ سطح-جو الوطني المتقدم» (NASAMS)، الذي بات الاشتقاق الثالث منه عملانياً بالكامل.

الصاروخ الشهير StarStreak الذي يمكن تركيبه على أية عربة خفيفة أو مدرّعة. الصورة: Thales
الطبقات الدُّنيا للدفاع الجوي

كان من شأن عودة تهديد ما يُدعى النزاعات العالية الحدة أن أحيت من جديد برامج «نظام الدفاع الجوّي ذي المدى القصير جداً» (VSHORAD)، وأبرز مثال على تلك البرامج، هو Skyranger 30، الذي تُنتِجه شركة «راينمتال اير ديفنس» Rheinmetall Air Defence الألمانية. وأعلنت الدنمارك في 16 أيار/مايو العام 2023، بأنها قد اختارت هذا النظام. وقد جُهّز برج النظام برادار ومستشعرات عاملة بالأشعة تحت الحمراء، وقائس مسافات ليزري. وأما سلاح هذا النظام فهو المدفع الأوتوماتيكي Oerlikon KCE عيار 30x173 ملم الذي يُطلق الذخيرة الشاهبة والمتفجّرة جواً «ذات الكفاءة المتقدمة في الإصابة والتدمير» AHEAD، التي بدورها تُطلق 160 شظية تنغستن (tungsten). وهذا المدفع الأوتوماتيكي، الذي يُطلق 1,200 طلقة في الدقيقة، هو في غاية الدقة، ما يسمح له بالاشتباك مع أهداف جوية صغيرة مثل المسيرات. ويُعتبر مدفع Thales بنمط نيرانه السريعة حلاً أيضاً للتصدي للمسيرات المسلحة و«الذخائر الحوامة» (loitering ammunition). وجاء هذا النظام ثمرة شراكة Thales مع شركة «نكستر» Nexter. ويتسم مدفع هذه الشركة، ذو «القذيفة الموضَّبَة تلسكوبياً داخل غلافها» Cased Telescoped Armament (CTAS) عيار 40 ملم، بالتراص compactness الموجود بالمدفع عيار 25 ملم ويوفر قوة نارية معززة تصل إلى 4,000 متر، مع خفض البصمة اللوجستية مقارنةً بالمدافع التقليدية من العيار ذاته. ولا يزال صاروخ Mistral 3 من شركة MBDA قيد الإنتاج، وأعلنت الشركة في شهر آذار/مارس الماضي أن إنتاج هذا السلاح سيزداد من 20 إلى 30 وحدة في الشهر. وأصبحت إسبانيا هي الدولة الثالثة بعد الصرب وكرواتيا التي تطلب أحدث اشتقاق لهذا النظام. وتقدمت وزارة الدفاع الأسبانية بطلبية قيمتها 330 مليون يورو لتحديث مخزونها من أنظمة «ميسترال» MISTRAL للدفاع الجوي القصير المدى إلى الطراز 3 بين عامي 2023 و 2032. ومن خلال «قانون البرمجة العسكرية» الجديد، سيتلقى الجيش الفرنسي أيضاً 24 عربة «سيرفال» Serval مدرعة مجهزة ببرج إطلاق MISTRAL 3. وتستخدم عربة Serval Atlas RC برج MBDA المشغل عن بعد مجهزاً بصاروخين ورشاش عيار 7.62 ملم للدفاع الذاتي. ويمكن تركيب هذا البرج أيضاً على «العربات المقاومة للألغام والمَحْميّة من الكمائن» TITUS (MRAP)، التي تُنتجها شركة Nexter. وكانت النروج وفرنسا قد زوّدتا أوكرانيا بمئات من الصواريخ ووحدات الرمي. ويتنامى الطلب على «نظام الدفاع الجوّي المحمول على الكتف» RBS 70 NG (MANPADS) من Saab، حيث تتلقى هذه الشركة طلبيات جديدة من قِبل دول عديدة. وتسلّمت شركة Saab في كانون الأول/ديسمبر العام 2022 طلبية من فنلندا للحصول على هذا النظام بلغت قيمتها نحو 800 مليون كرونا سويدي، على أن تبدأ عمليات التسليم بين هذا العام و 2026. وتتضمن هذه الطلبية أحدث اشتقاق من صاروخ Saab أي نظام RBS 70 من نوع BOLIDE، الذي يمكنه الاشتباك مع أهداف مدرّعة محمولة جواً ومسيرات. ويبلغ المدى الفعّال لنظام RBS 70 NG من الجيل الجديد 9 كيلومترات وبإمكانه أن يصيب أهداف على ارتفاعات تصل إلى 5 كيلومترات مع سرعة قصوى تبلغ 2 ماك. وتقوم وحدات الدفاع الجوي بجمع أنظمة VSHORAD مع رادارات فائقة الحركية على غرار Giraffe 1X. وجُهّز نظام RBS 70 (NG) من الجيل الجديد بنظام تسديد متقدم، قادر على العمل ليلاً مع أنظمة تدريب متقدمة تسمح بإعادة التصوير المرئي لسياق الرمي. ويزن هذا النظام أقل من 150 كيلوغراماً بينما يبلغ وزن قسمه الأعلى 100 كيلوغرام. ويمكن تشغيل هذا النظام عن بُعد أو محلياً. ويأتي Ground Master 60 أيضاً كنظام رادار دفاع جوي فائق القدرة التكتيكية مع مدى رصد يصل إلى 80 كيلومتراً (مع خيار لِـ 150 كيلومتراً) وهو قادر على رصد جميع أنواع الأهداف بدءاً من ناقلة جند متحركة. ويمكن استخدام هذا الرادار في غضون دقيقتين وإدماجه بسهولة في نظام «قيادة وسيطرة» (C2). ويبقى الصاروخ سطح-جو «ستينغر» Stinger خياراً أساسياً في أوروبا مع ثلاثة اشتقاقات: صاروخ Stinger الأساسي، وصاروخ Stinger ذو «تقنية الرأس الباحث البصري الخامد» POST، و Stinger ذو «المعالِج الصغروي القابل لإعادة البرمجة» (RMP). وقد شحنت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها نحو 2,800 سلاح Stinger إلى أوكرانيا بحسب مصادر البنتاغون. وكان من المقرر إغلاق خط إنتاج Stinger في العام 2020، لكن شركة «رايثيون للصواريخ والدفاع» Raytheon Missile and Defense قد فازت بعقود عديدة من الجيش الأميركي.

تنتج «ساب» Saab السويدية، صاروخ RBS 70، بما في ذلك اشتقاق «الجيل الجديد» NG
رادار GhostEye MR المتقدم للدفاع الجوي والصاروخي للمدى المتوسط. الصورة: Raytheon
أنظمة GBAD للمدى المتوسط

أنتجت الشركات الأوروبية، الخاصة بأنظمة الصواريخ، العديد من الصواريخ المختلفة المتوسطة المدى المرتكزة أرضاً GBAD. وفي هذا الخصوص، طرأت على صاروخ «أستير» Aster تطورات حديثة. ففي مطلع هذا العام، وقد قّعت كل من إيطاليا وفرنسا عقداً جديداً مع شركة «يوروسام» Eurosam لإنتاج 700 صاروخ Aster. وتضمنت هذه الطلبية صاروخي Aster 15 و Aster 30 B1 للقوات البحرية في كل من هذين البلدين، وكذلك صاروخ Aster 30 B1NT (تكنولوجيا جديدة) لصالح سلاح الجو الفرنسي، وأفرع الجيش الإيطالي الثلاثة. وجُهزت أيضاً سفن البحرية الملكية البريطانية، والفرقاطات الإيطالية فئة Horizon والفرقاطات اليونانية المستقبلية FDI أيضاً بصاروخ Aster B1NT. وسيبلغ المدى الفعال لصاروخ Aster 30 B1NT قدرة مضادة للصواريخ تصل إلى 1,500 كيلومتر. وقد صممت Thales رأساً باحثاً للصاروخ يعمل بالحيّز Ka، كما سيحظى النظام بالرادار الجديد المتعدد الوظائف Ground Fire 300. وكانت شركة MBDA قد أطلقت في العام 2018 تطويراً تكنولوجياً لِـ «الجيل الجديد من صاروخ ميكا المطلق عامودياً» VL MICA NG، وهو يستخدم رأساً باحثاً يعمل بالأشعة تحت الحمراء أو بالأشعة الكهرومغناطيسية، اعتماداً على نوع التهديد. ويوفر MICA NG قدرات للاشتباك مع أهداف غير تقليدية على غرار المسيرات والطائرات الصغيرة. وبوسع هذا الصاروخ أن يعترض أهدافاً تتعدى الـ 40 كيلومتراً. وتستخدم خمس عشرة دولة الاشتقاقين البحري والبري من هذا الصاروخ، الذي يُعَد بديلاً لصاروخ Aster 15 وأقل كلفة. وباستطاعة الأنظمة الأرضية القائمة أن تدمج صاروخي الجيلَين بفضل توافقهما التشغيلي. وسيتوافر الاشتقاق الأحدث في السلسلة بدءاً من العام 2026. ويشكّل صاروخا CAMM و CAMM-ER أساساً لمجموعة «حلول الدفاع الجوي التراكبي المحسّن» EMADS من شركة MBDA. ويأتي نظام Sky Sabre أو Land Ceptor (ويطلق عليه عملانياً بِـ BMC4I Sky Sabre) وهو الاشتقاق المرتكز أرضاً لنظام «الصاروخ التراكبي المشترك المضاد للجويات» CAMM الموجود قيد الخدمة لدى القوات المسلحة البريطانية، وهو يملك خصائص مماثلة لِـ «الصاروخ جو-جو القصير المدى المتقدّم» (ASRAAM)، فيما يكمن الفارق الرئيسي في استخدام رأس باحث كهرومغناطيسي نشط ووصلة بيانات تعمل بالاتجاهين. ويبلغ وزنه 99 كيلوغراماً، ويصل مداه العملاني إلى 25 كيلومتراً، ويُحقق سرعة 1,028 متر/ثانية (3,702 كلم/ساعة) ويشتبك مع تهديدات على غرار المقاتلات، والقنابل الذكية الموجهة ليزرياً والمسيرات. وهناك نظام شعبوي آخر تحت مسمّى NASAMS، وهو صاروخ أرض-جو صمم للأمداء المتوسطة والبعيدة. وهو يستعين بالصاروخ الأميركي AIM-120 AM-RAAM. بدأ المشروع في العام 1994 وباشرت به «كونغزبيرغ» Kongsberg في البدء وبدعم من «رايثيون» Raytheon. وتتضمن قاعدة زبائن الصاروخ 12 دولة، ولكن 15 دولة استحوذت حل القيادة والسيطرة. ويشكل NASAMS الطراز الأحدث للصاروخ الذي دخل الخدمة العملانية في العام 2019. ولديه القدرة على رمي الصواريخ التالية: «سايدويندر» AIM-9X-2 Sidewinder، IRIS-T SLS و AM RAAM-ER، ويستخدم الأخير القواذف النقّالة التي تحمل جواً. ويتضمن اشتقاق AIM-9X نظام تبريد داخلي يستغني عن الحاجة لسكة الاطلاق المطلوبة للاشتقاقات القديمة. ولدى وحدة NASAMS التصميم التراكبي الذي يتألف من «مركز توزيع النيران» FDS، ورادار نشط ثلاثي الأبعاد «سنتينل» AN/MPQ-64F1 Sentinel، ومستشعر خامد بصري إلكتروني وآخر يعمل بالأشعة تحت الحمراء، والعديد من حاضنات قواذف الصواريخ. وفيما يستخدم NASAMS صواريخ جو-جو موجودة حالياً على غرار «سايدويندر» AIM-9X-2 Sidewinder و AMRAAM-ER، فإن هناك الآلاف من الصواريخ المتقادمة في ترسانة الناتو NATO، التي يمكن استخدامها من دون إجراء أية تعديلات. كما أن نظام NASAMS قادر أيضاً على دمجه بنظام GhostEye MR وهو برادار AESA ذو مدى متوسط يعمل بالحيّز S. ويستند على تكنولوجيا GhostEye (سابقاً LTAMDS) التي طورت أساساً لنظام Patriot. وفي نيسان/ أبريل 2023، أفادت قيادة السلاح الجوي الأوكراني بأن NASAMS أسقطت أكثر من 100 صاروخ ومسيرة بعدما أصبح الصاروخ قيد الخدمة العملانية.

هناك نظام شعبوي تحت مسمّى NASAMS، وهو صاروخ أرض-جو صمم للأمداء المتوسطة والبعيدة. وهو يستعين بالصاروخ الأميركي AIM-120 AM-RAAM. بدأ المشروع في العام 1994 وباشرت به «كونغزبيرغ» Kongsberg في البدء وبدعم من «رايثيون» Raytheon
ألمانيا

طورت شركة «ديهل ديفنس» Diehl Defence الصاروخ المطلق من السطح IRIS-T SL، وهو اشتقاق محدث من الصاروخ IRIS-T الذي جُهّزت به مقاتلات «نظام الدفاع الجوي التكتيكي» (TLVS) في الجيش الألماني. وكان سابقاً الاشتقاق الأول من هذا الصاروخ القصير المدى IRIS-T SLS المُمَيدن منذ العام 2015. وأطلقت الشركة اشتقاقاً أبعد مدى الذي دخل الخدمة في العام 2022. يتألف نظام IRIS-T-SLM للمدى المتوسط من نظام راداري متعدد الوظائف للمراقبة الجوية وحيازة الأهداف تحت مسمى TRS-4D/TRML-4D، والذي طور من قبل شركة «هنسولدت» Hensoldt، ومن مركز عمليات تكتيكي وعربة قاذف عامودي تحوي ثمانية صواريخ. وباستطاعة الرادار تعقّب 1500 هدف بمدى يصل إلى 250 كلم وهو يدعّم بنظام تعريف الصديق من العدو IFF Mode 5. وسلمت بطارية الصواريخ الأولى إلى أوكرانيا في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 وبطارية ثانية في نيسان/إبريل 2023.

الولايات المتحدة

وعلى الجانب الأميركي يتواصل نشر بطاريات «باتريوت» MIM-104 PATRIOT في القارة الأوروبية، وقد ترسخ هذا النظام على مدى السنين كعماد للدفاع الجوي في «حلف الناتو». وهناك اشتقاقات عديدة لهذا النظام قيد الخدمة في كل من ألمانيا، واليونان، وهولندا، ورومانيا، وإسبانيا والسويد. وكانت الولايات المتحدة قد قدمت في كانون الأول/ ديسمبر العام 2022 بطارية PATRIOT إلى الجيش الأوكراني للتصدي للهجمات الجوية الروسية. ومع مطلع هذا العام، أعلنت ألمانيا أنها ستُزوّد أوكرانيا ببطارية مماثلة، وكذلك فعلت هولندا. وثمة بطارية قيد الخدمة العملانية حالياً في أوكرانيا. ويُمثّل هذا الاشتقاق، المتخصص بالدفاع المضاد للصواريخ، الطراز الأكثر تقدماً من نظام PAC-3. ولا يتجاوز هذا الاشتقاق، في القدرات، سوى النظام المشتمل على «تحسين شريحة الصاروخ» PAC-3 Missile Segment Enhancement (MSE). وتعتزم شركة Raytheon إنشاء مركز إقليمي أوروبي لنظام PATRIOT يُخصّص لخدمات الصيانة والإصلاح والترميم والتجديد وذلك في سويسرا بالتعاون مع شركتَي «رواغ» RUAG و «راينميتال اير ديفنس أيه جي» Rheinmetall Air Defence AG.

الصاروخ AMRAMM للمدى الممدد أثناء إطلاقه من قاذفة NASAMS. الصورة: Raytheon
أحدث الطلبيات الأوروبية سويسرا

اختارت سويسرا أن تُجهّز جيشها بنظام PATRIOT بعد فترة طويلة من المحادثات في هذا الشأن. وستُنفق البلاد 1.2 مليار دولار للحصول على خمس وحدات رمي بحلول العام 2030. تتألف كل منها من مقر قيادة، ومستشعر راداري متعدد الوظائف، ومنصة إطلاق أو أكثر من ذلك. من أجل الدفاع عن منطقة مساحتها 15,000 كيلومتراً مربعاً تُشكّل أكثر بقليل من مساحة الهضبة السويسرية التي تحتضن المدن الأكثر كثافة بالسكان. كما أنها ستُضيف قدرة دفاع صاروخي بالستي لبطاريات PATRIOT المستقبلية بشراء الصواريخ الاعتراضية PAC-3 MSE. وتتطلع النمسا أيضاً لحيازة نظام دفاع جوي للمدى المتوسط يعمل على مدى يصل إلى 40 كلم على غرار IRIS-SLM أو NASAMS.

بولندا

تسعى هذه الدولة، التي تتشارك حدوداً مع روسيا (جيب كالينيغراد) وبيلاروسيا وأوكرانيا، منذ سنين إلى تعزيز دفاعها الجوي. وفي نيسان/أبريل من العام 2023، تواصلت وزارة الدفاع البولندية مع شركة «مبدا المملكة المتحدة» MBDA UK للاستحصال على 44 منصة إطلاق ونحو 750 صاروخ CAMM في عقد بلغت قيمته 2.4 مليار دولار أميركي، ومن المقرر أن تبدأ عمليات التسليم بين عامي 2025 و 2029.

فنلندا

تستخدم فنلندا نظام NASAMS-2 منذ العام 2009 لكنها أصدرت «إعلان نوايا» (RFI) للاستحصال على نظام دفاع جوي طويل المدى. وأجاز وزير الدفاع في نيسان/أبريل العام 2023 للقوات الفنلندية الاستحصال على نظام «دايفيدز سلينغ» David’s Sling، من صنع شركة «رافاييل» Rafael الإسرائيلية في عقد قيمته 316 مليون يورو. كما وطلبت كل من بولندا ولاتفيا النظام الصاروخي RBS-70 NG. بينما طلب الفنلنديون أيضاً رادار Giraffe 1X الذي سيتم تسليمه في السنوات القليلة المقبلة.وطلبت ليتوانيا في العام 2017 النظام الصاروخي NASAMS-3 لتحسين قدرات الدفاع الجوي فيها وتسلّمت بطاريتين في العام 2020، فيما انضمت إستونيا إلى لاتفيا في مفاوضات مشتركة للاستحصال على نظام IRIS-T SLM.

يتواصل نشر بطاريات «باتريوت» MIM-104 PATRIOT في القارة الأوروبية، وقد ترسخ هذا النظام على مدى السنين كعماد للدفاع الجوي في «حلف الناتو»
فرنسا

تنخرط القوات المسلحة الفرنسية أيضاً في عملية تحديث متسارعة لقدرات دفاعها الجوي. وسيتوقف الدعم اللوجستي لنظامَي NCI-30 (16 عربة) و NCI-40 (14 عربة)، التي تنقل رادارات ومقار قيادة صواريخ MISTRAL لدى الجيش الفرنسي. وتلحظ خطة تحديث صواريخ MISTRAL «في منتصف فترة خدمتها» (RMV) للاستحصال على 850 صاروخاً بدلاً من الهدف الأساسي البالغ 2,050 صاروخاً. ويمكن اعتبار شراء 24 عربة مدرعة من طراز Serval مع قدرات دفاع جوي محدودة نسبياً، إذا ما أخذنا في الاعتبار متطلبات فرقتين من الجيش الفرنسي. وسيتم سحب نظام «كروتال» Crotale NG’s V1 من الخدمة في العام 2026. واختارت «المديرية العامة للتسليح» DGA حل VL – MICA كمؤشر مؤقت للعمل محل صواريخ «كروتال». المملكة المتحدة دخل نظام Sky Sabre الخدمة في المملكة المتحدة منذ العام 2022، ونشر الجيش البريطاني النظام الجديد في بولندا ضمن برنامج جهوزية الأطلسي لحشد قواه في العام 2022. وقد نشرت وزارة الدفاع البريطانية «إشعار معلومات أولية» يُحدّد بالتفصيل نيتها لشراء نظام دفاع جوي جديد مدمجاً بالكامل، وعُلِمَ أنّ شركتي «بابكوك» Babcock و Rafael ستُطوِّران على نحو مشترك حل «قيادة وسيطرة» (C2) لصالح برنامج «الدفاع الجوي المرتكز أرضاً» (GBAD) في المملكة المتحدة.

تطورات مستقبلية

أصبحت التهديدات الفائقة لسرعة الصوت hypersonic هدفاً مهماً للدفاعات الجوية. فقدرة هذه التهديدات على التحليق والمناورة بسرعات عالية جداً والبقاء ضمن طبقات الغلاف الجوي أو في الفضاء المُلامس لهذا الغلاف إنما يُعقّد رصدها ويخفض من فترات الاستجابة في مواجهتها، وبالتالي يضاعف قدرتها على اختراق الطبقات المحمية جيداً. وأخذ اللاعبون الكبار في صناعة الدفاع الجوي يشاركون في الأبحاث لتقصي سبل مواجهة هذا النوع من التهديدات، وثمة مشاريع متخصصة قيد العمل. ومثال على ذلك، ينبغي على تحديث الأنظمة الإسهام في قدرة أولية مع تطوير رادارات SAMP/T NG أو رادار عامل بـ «التردُّدات فوق العالية» (UHF). وإضافة إلى ذلك، يستند مشروع «الإنذار والاعتراض في الوقت الحقيقي مع مراقبة ميدانية من الفضاء» (TWISTER)، ضمن برنامج «التعاون الدائم المُمنهج» (PSC) إلى ركيزتَين: الصاروخ الاعتراضي ضمن طبقات الغلاف الجوي والإنذار الفضائي المبكر. وبالنسبة إلى الصواريخ الاعتراضية ضمن طبقات الغلاف الجوي، تم اختيار مشروع EU HYDEF [الصاروخ الأوروبي الدفاعي الاعتراضي الفائق لسرعة الصوت] لصالح «الصندوق الدفاعي الأوروبي» (EDF) ضمن المجموعة الإسبانية SENER Aerospacial في مقابل مشروع HYDIS من MBDA.^

الشخصيات
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2023
رقم الصفحة
54

أخر المقالات