عصرٌ جديد فوق صوتي لصواريخ سطح-سطح المضادة للسفن
تُعيد دولٌ عديدة النظر في قدراتها لحرب سطح-سطح فيما يتواصل تطوُّر بيئة التهديدات. ويتعيّن على مُصنِّعي الأسلحة التركيز على تطوير مدى الصاروخ، وقدرات البحث والاستشعار لمُجاراة الطلب ودفع السوق قُدُماً إلى الأمام. وهو ما سلّطت الضوء عليه هايدي فيلا من النشرة الدولية المختصّة «نافال وورفير إنترناشونال».
إنّ أنظمة صواريخ سطح-سطح surface-to-surface missile، على الرغم من أنّها تستخدم على نحو نادر، هي جزءٌ أساسي من قدرات الدفاع والهجوم للمنصات البحرية. وثمة هدفان مزدوجان لها: العمل كرادعٍ خامد لعسكريين مُعاديين وإلحاق الضرر بأهداف سطحية على مسافاتٍ بعيدة عندما تقتضي الضرورة.
على الرغم من استخدامها النادر، فإنّ تكنولوجيا صواريخ سطح-سطح ذات القدرات المطلوبة للتصدّي لخصوم محتملين لَهِي مصدرُ أمانٍ كبير للعسكريين والمدنيين على حدٍّ سواء. ومع ذلك، شَهِدَت ترسانة أسلحة السطح-سطح البحرية في الغرب على مدى العقود الأخيرة تراجعاً في المدى والسرعة والتفوُّق التكنولوجي (في مواجهة خصومٍ أكفّاء في هذا المجال على غرار روسيا والصين). وفي الإجمال فإنّ العديد من الأنظمة، من بينها صاروخ «هاربون» Harpoon من شركة «بوينغ» Boeing، وصاروخ «توماهوك» Tomahawk من شركة «رايثيون» Raytheon، التي جرى تصميمها في الأساس خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الفائت.
ومذاك تطوّرت الآليات الدفاعية ضدّ الهجمات الصاروخية بحراً، وبات لِزاماً على تلك الصواريخ المتخصِّصة أن تتواصل تطويراً لتغدو أكثر ذكاءً، ومقدرةً على التخفي بل أكثر استقلاليةً (في التوجيه) استعداداً لتحدّياتٍ جديدة، على غرار تكنولوجيات أكثر مقدرةً في التشويش على الاتصالات، تلك التي تُحدِث فقداناً متكرِّراً للتواصُل مع الصواريخ (توجيهاً وإطباقاً) خلال العمليات.
وكانت البحريّة الأميركية وغيرها من البحريات قد أدركت منذ مطلع القرن الحادي والعشرين أنّ تنامي التهديدات يقتضي تحديث القدرات الهجومية والدفاعية الصاروخية لتجنُّب عدم اللحاق بالقدرات الصينية والروسية، وربّما مواجهة مناطق «محرَّمة دفاعياً» no-go" Zones" على نطاقٍ كبير في البحر.
خصصت البحرية الأميركية 1.13 مليار دولار في الفترة الممتدة من 2013 ولغاية 2018، لتطوير برنامج أسلحة الحرب المضادة لسفن السطح الهجومية لتحل محل الصواريخ المضادة للسفن. وفي العام 2017 جمعت فرنسا والمملكة المتحدة قواهما للبدء بتطوير برنامج سلاح جوال/ مضاد للسفن مستقبلي، حيث ساهمت كل دولة بِــ 57 مليون دولار في المرحلة الأولى. كما استثمرت النروج أيضاً 250 مليون دولار لتطوير الصاروخ الضارب البحري NSM الجديد في الفترة الممتدة من 2017 وحتى 2025، وهي تخطط لصرف مبلغ إضافي مقداره 90 مليون دولار في برامج التحديث بالتعاون مع ألمانيا.
وعلى مدى العقدَين الفائتَين، أخذت الاستثمارات في تحديث وتجديد العديد من قدرات صواريخ سطح-سطح تجني ثمارها، مع اتّجاهاتٍ عديدة من شأنها أن تجعل التحديثات أقل كلفةً وأكثر استعداداً للتراكبية لإضافة الكفاية العالية والكلفة المُجزية؛ مع تشديدٍ على قدرات التخفِّي والمستشعرات المتقدِّمة إلى جانب السرعة؛ واستقلالية متزايدة للملاحة والعمليات، وخفض الاعتماد على أنظمة الدعم من مثل «نظام تحديد الموقع العالمي» GPS والتكنولوجيات المضادة للتشويش.
أحد أحدث الأنظمة في السوق هو نظام»الصاروخ الضارب البحري» Naval Strike Missile (NSM) من صنع الشركة النروجية «كونغسبيرغ» Kongsberg التي أجازت استخدامه البحرية النروجية وطوّرته بين عامَي 1996 و 2012. ويجسد الصاروخ المتوسط الوزن الدون صوتي subsonic العديد من التوجهات المُعتَمدة حالياً في مثل هذه التكنولوجيا، من بينها تفضيل قدرة التخفي على السرعة واستخدام وسائل رصد «خامدة» Passive - بدلاً من أن تكون «نشطة» Active.
وصاروخ NSM منخفض الكلفة نسبياً ويشكل بديلاً متوافراً لصاروخ Harpoon المتقادم. وبفضل تصميمه التراكبي وهندسته المفتوحة، يمكن إدماجه بسهولة في مختلف منصّات الإطلاق. ويُحلِّق الصاروخ حتى مدى يزيد عن 200 كيلومتر، ويمكن توجيهه بِـ «نظام تحديد الموقع العالمي» GPS، أو التوجيه بالقصور الذاتي والتوجيه المرجعي استناداً إلى التضاريس الطبيعية، لكن من بين العوامل التي تُميِّزه هو أنّه خامد بالكامل.
ويقول كايري لوهني Kyrre Lohne، نائب الرئيس للاتصالات الاستراتيجية في شركة «كونغسبيرغ للدفاع والجوفضاء» Kongsberg Defence& Aerospace: «لطالما كانت صواريخ سطح-سطح والمضادة للسفن ذات قدرة رصد نشطة. لكنّنا بتنا نلمس اعتماداً أكثر موثوقية على الصواريخ ذات القدرة على الرصد الخامدة».
وتعني كلمة «نشط» في الأساس أنّ هناك راداراً في أنف الصاروخ يُعينه على الرصد والتوجيه نحو هدفه. لكنّ الصواريخ ذات الرصد الخامد لا تبثّ إشعاعات رادارية لكن تستخدم عوضاً عن ذلك رأساً باحثاً يعمل بالأشعة تحت الحمراء (IR) وتصويراً حرارياً لرصد الأهداف تماماً كمثل العين البشرية. ومن ثمّ تقوم بتحليل تلك الأهداف لبناء ملف بغية مقارنته مع ما هو مبرمج للرصد والاشتباك معه.
ويتابع لوهني: «أنْ يكون الصاروخ خامداً يعني ضمان أن يستأثر بإمكانيةٍ أعلى لرصد السفينة التي يستهدفها وتجنُّب جميع السفن الأخرى». ومع ذلك، يتطلّب الانتقال من نظام بحث نشط إلى آخر خامد «خطوة هائلة من التطوُّر التكنولوجي».
ويتوقّع أن يشهد السوق أعداداً متزايدة من الأسلحة الخامدة، من بينها تلك المشتملة على قدرات تحسُّس حديثة، بغض النظر عمّا إذا كانت خبرة «مُصنِّع المعدّات الأصلية» OEM تتركّز على الرؤوس الباحثة الرادارية. وقد اعتمدت شركة Kongsberg هذا المفهوم منذ أكثر من 50 عاماً، منذ زمن الصاروخ الموجَّه بحشوة دافعة Penguin.
ويضيف لوهني: «ثمة مفهوم معاصر آخر هو حول ما إذا كان يتعيّن على الصاروخ أن يكون سريعاً أو بطيئاً». فالذخائر «الفائقة لسرعة الصوت» (فوق صوتية) hypersonic تحلق بسرعة تبلغ خمسة أضعاف سرعة الصوت، في حين أنّ الأنظمة التي تُحلِّق بسرعة «دون صوتية» subsonic - على غرار NSM ومعظم الصواريخ في السوق - فتُحلَّق بسرعة 0.9 ماك وما دون ذلك. وتُعتبر السرعة التي تراوح بين 1.2 و 5.0 ماك فائقة لسرعة الصوت.
ويعتقد البعض أنّ السرعة «الفوق صوتية جداً أو المفرطة» hypersonic ستُهيمن على الدفاعات الصاروخية الحديثة، في حين يعتقد آخرون أنّه من الأجدى أن يكون الصاروخ أكثر بطئاً ومقدرةً على التخفي. وتستثمر شركة Kongsberg في المقاربة الأخيرة لأنّ أي صاروخ «فوق صوتي جداً» هو في الوقت الراهن مثيرٌ للتحدّي من الناحية التكنولوجية إذ إنّ الصاروخ ينبغي تصميمه للعمل على درجات حرارة عالية جداً. وإضافةً إلى ذلك، يفقد الصاروخ عند هذه السرعة شيئاً من مرونته، في حين أنّ السُرعات «دون صوتية» تُوفِّر قدرة مناورة أفضل على المستويات العالية من التسارُع high-G.
وأوضح لوهني: «إذا ما انطلق الصاروخ بسرعة عالية فإنّه سيعجز عن المناورة بالشكل المطلوب - بل سيتَّجِه بخطٍّ مستقيم - وبما أنّ الأنف يزداد حماوةً بسبب الاحتكاك مع الهواء، فليس من الممكن استخدام رأس باحث خامد، لذا ثمة ضرورة للرأس الباحث النشط. وإذا ما انطلق الصاروخ في خطٍّ مستقيم، فثمة احتمال كبير لرصده في وقتٍ مبكر. ولهذا السبب نعتقد أن الاتّجاه سيكون نحو صاروخ أكثر ذكاءً وبطئاً، ومنخفضاً جداً، وخفياً وخامداً أكثر ما يكون».
وسيغدو صاروخ NSM عملانياً بالكامل على متن الفرقاطات الجديدة والفرقيطات الساحلية لدى البحريّة النروجية مع دخوله الخدمة في المستقبل القريب، وقد وقّعت شركة Kongsberg بالفعل عقوداً مع البحريّات الألمانية والماليزية والبولندية لحيازة هذا الصاروخ.
كانت البحرية الأميركية بأمس الحاجة إلى جَسْر الهوّة في قدراتها الصاروخية بحلٍّ سريع لمواجهة المدى المحدود لنظام صاروخ Harpoon وقدرته على البقاء أو النجاة. واستُحدِث برنامج «الصاروخ المضاد للسفن للمدى البعيد» LRASM من قِبَل المشروع المشترك الذي يجمع» وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدّمة» DARPA الأميركية والبحرية الأميركية، لتسليم الجيل الجديد من الأسلحة المضادة للسفن التي تُوفِّر أمداءً أبعد وقدرة محسَّنة ضدّ الدفاعات الجوّية. وكانت النتيجة صاروخ LRASM-B (المُطلَق من السطح) وLRASM-A (المُطلَق من الجو)، بيدَ أنّ الأول قد أُلغِيَ لاحقاً. ويستند الأخير إلى «الصاروخ التباعدي المشترك - المدى الممدَّد» AGM-158B JASSM-ER من صنع شركة «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin.
وقد استثمرت الشركة أموالاً طائلة لإثبات إمكانية إطلاق صاروخ LRASM من السطح، باستخدام نظام «منصّة الإطلاق العمودية» Mk 41 (VLS) المستخدمة على متن العديد من سفن البحرية الأميركية والأخرى الحليفة، فضلاً عن منصّة إطلاق على متن سفن سطح غير مجهَّزة بمنصّة Mk 41 . ويبلغ مدى الصاروخ أكثر من 370 كيلومتراً، وهو أقصر بكثير من مدى صاروخ JASSM-ER البالغ 930 كيلومتراً. وقد سبَّبت إضافة المستشعرات والتكنولوجيات الأخرى تراجعاً في السرعة، لكنّ الشركة واثقة من أنّ المدى سيُستعاد مع تحسين الإيروديناميات/ الشكل الانسيابي.
وفي خطوةٍ مماثلة لمبادرة Kongsberg، آثرت شركة Lockheed Martin السرعة «دون الصوتية»، على تلك «الفوق صوتية» أو «الفوق صوتية جداً»، وهو قرارٌ حفّزته البحرية الأميركية التي وجدت من خلال أبحاثها أنّ الصاروخ بسرعة «دون الصوتية» يتمتّع بقدرة ذوات السرعة الفائقة مع مزيدٍ من التطوُّر التكنولوجي.
وبحسب كريس مانغ Chris Mang، نائب الرئيس لتنمية الأعمال والاستراتيجية للصواريخ التكتيكية وأنظمة المناورة القتالية لدى شركة Lockheed Martin، فإنّ الأسلحة بالسرعة «الدون صوتية» ستكون خفيّة، وذات قدرة على البقاء، ومُجزية أكثر من ناحية الكلفة أقلّه حتى الأربعينيات من هذا القرن. وعندها سينتقل المطوِّرون من «الفوق صوتية»/ «الفوق صوتية جداً» supersonic / high supersonic مباشرةً إلى الصواريخ «الفوق صوتية المفرطة» hypersonic.
ويستخدم صاروخ LRASM فئة الـ 450 كيلوغراماً أيضاً رأساً باحثاً خامداً بدلاً من الآخر النشط لأنّ شركة Lockheed Martin، على غرار Kongsberg تعتقد أنّ هذه التكنولوجيا باستطاعتها التفوق بذكاء أفضل على صفائف الأسلحة العاملة بالمستشعرات، على غرار الصواريخ الأخرى، والمدافع وأجهزة الليزر، والتشويش والرادارات، بسبب صعوبة رصدها.
القدرة الأكثر إثارةً للاهتمام في صاروخ LRASM هي طقم المستشعرات الذي يضمن تهيُّؤاً للملاحة عبر الدفاعات حتى في مناطق مكتظّة بالاتصالات وإشارات تحديد الموقع العالمي GPS. ويشتمل الطقم على وصلة بيانات ثنائية الاتّجاه، ومستشعر راداري يمكنه أن يرصد السفن، وكاميرا نهارية / ليلية للتعرُّف الإيجابي، والتهديف النهائي. وتبلغ كلفة صاروخ LRASM نحو ثلاثة ملايين دولار.
يحظى صاروخ RBS15 Mk 3 من صنع شركة «ساب» Saab، وهو صاروخ سطح-سطح «دون صوتي» بمدى 200 كيلومتر، بقدراتٍ مماثلة. فهو بإمكانه أن يرصد ويشتبك مع الأهداف على نحو مستقل من دون الاعتماد على نظام GPS أو وصلات بيانية.
ومع ذلك، يتميّز الصاروخ برأسٍ باحث راداري نشط يُبرمَج قبل الإطلاق، وليس خامداً. ويُوفِّر «نظام تخطيط اشتباك للصاروخ» Missile Engagement Planning System للمُشغِّل دعماً مُبيّتاً لاتّخاذ القرار وإدارة رمي صليات متقدّم، بحسب «مصنّعي المعدات الأصليين» OEM.
طُوِّرَ صاروخ Harpoon المضاد للسفن من شركة «بوينغ» Boeing في العام 1977. وقد استحصل على هذا النظام المجرَّب قتالياً عملاء من 30 دولة وأكثر عبر أنحاء العالم. لذا بدلاً من التخلِّي عن هذه التكنولوجيا المتقادِمة ولكن الموثوقة، خَضَع لسبع عمليات تحديث، كان آخرها Block II، ومن قبله التحديثات المُلغاةBlock II+ و Block III.
وكان العقد الأول لِـHarpoon Block II في تشرين الثاني/ نوفمبر العام 1998 وجرى تسليمه في العام 2001. ومذاك، تطوَّر الصاروخ عبر السنين ليُجاري التهديدات الناشئة، بحسب جيم براين Jim Bryan، مدير أنظمة الصواريخ الجوّالة لدى شركة Boeing Defense, Space & Security.
وبعد تحديثه في العام 2004 من خلال عقد مع قوة الدفاع الأسترالية، باشرت كل من Boeing (أو OEM) والبحرية الأميركية تطوير خطط لتحديث Harpoon Block+ أواخر العام 2010.
أمّا الطرازBlock II+ فهو صاروخ مستمكن بوصلة بيانات تُعزِّز انتقائية الهدف لكنّه في الوقت الراهن غير متوافرٍ إلَّا لمنصّات الإطلاق الجوية. وكان الهدف من تحديث السلاح هو تحسين قدراته مع الإبقاء على الأكلاف عند حدِّها الأدنى. وأوضح براين في هذا السياق أنّ أي تطوُّر جديد على الصاروخ يترتّب عليه إنفاقٌ كبير لاختبار نظام السلاح الجديد عملانياً بغية تحقيق القدرة العملانية الأوّلية وتأمين كامل اللوجستيات المطلوبة لدعم النظام.
وبحسب براين فإنّ صاروخ Harpoon هو مثالٌ تقليدي لِمَا يُسمَّى «التطوُّر التراكبي»، ويقول: «بالنسبة إلى Harpoon، يستفيد التحديث من Block IC إلى Block II+ من البُنية التحتية القائمة وأنظمة الدعم المُعتَمدة، فتكون النتيجة برنامج استحواذ منخفض الكلفة، ومتدنِّي المخاطر لصاروخٍ مضادٍ للسفن مجرَّب قتالياً في جميع الأحوال الجوّية مع قدرة وصلة بيانات».
ويشتمل Harpoon، خلافاً لصاروخَي NSM و LRASM، على رأس باحث نشط يعمل بالتردُّد الراديوي ويُستَخدم فحسب في المرحلة النهائية من تحليق الصاروخ. وهو يستخدم نظام ملاحة بالقصور الذاتي معزَّز بنظام تحديد الموقع العالمي GPS لضَرْب الأهداف على البرّ فضلاً عن السفن الراسية في الميناء.
تنتهج شركة «مبدا» MBDA أيضاً طريق التحديث واعتماد الرؤوس الباحثة النشطة. ويُعتَبر سلاح Exocet MM40 Block III الجيل الأحدث من الاشتقاق المحمول على متن السفن ضمن عائلة «إكزوسيت» Exocet، الموجودة في الخدمة حول العالم.
طور الصاروخ المضاد للسفن فئة 200 كيلومتر في ثمانينيات القرن الماضي وخضع لتحسيناتٍ في حزمة الملاحة الجديدة، ما أتاح تفعيل أمثل ثلاثي الأبعاد لمسرَى المقذوف والهجمات الطرفية من اتجاهات مختلفة على ارتفاع منخفضٍ جداً فوق سطح البحر إطباقاً متزامناً على الهدف. ويعتمد التوجيه الطرفي على رأس باحث نشط متطوِّر عامل بالحيِّز Jلتمييز واختيار الأهداف في البحر وكذلك على دقّة نظام GPS لضَرْب الأهداف البرّية.
وبحسب الشركة فإنّ Block III يتوافق مع معظم منصّات الدعم اللوجستي الموجودة حالياً في الخدمة. ويتوافق نظام منصّة الإطلاق لهذا الصاروخ تشغيلياً مع جميع اشتقاقات MM40، وبالتالي يتيح انتقالاً سلساً إلى الطراز الجديد.
وعروضMBDA الأحدث هي للسفن الأصغر حجماً والأخف وزناً، ويُعتبر صاروخ Marte Mk2/N اشتقاقاً مباشراً من نظام السلاح المضاد للسفن المُطلَق من على متن الطوّافة Marte Mk2/S، البالغ مداه 30 كيلومتراً. وهذا الصاروخ هو للعمليات ذات المدى المتوسط ضمن نطاق قدرة الرصد لمستشعرات السفينة، وتوافقه مع منصّاتٍ متعدّدة يسمح للعملاء باغتنامه في مجموعة من التطبيقات انطلاقاً من بطاريات الدفاع الساحلي المرتكزة أرضاً بدءاً بالتطبيقات التقليدية المحمولة على متن السفن، وانتهاءً بطائرات الدورية البحرية والطوّافات، على حدّ قول فرانكو دونفرانسيسكو Franco Donfrancesco، مدير المبيعات وتطوير الأعمال لدى «مبدا إيطاليا» MBDA Italia.
تغدو صواريخ سطح-سطح اليوم ذات جدوى أكثر ممّا كانت عليه حتى في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، مع المستجدّات الجديدة في التقدُّم التقني، على غرار «الذكاء الصناعي» AI وأطقم المستشعرات الأكثر تطوُّراً التي تؤتي ثمار نضجها، بحيث أصبحت السماء هي حدود القدرات المستقبلية في هذا السياق. ومن الطبيعي إذاً أن تغدو تلك الصواريخ أسرع، وأذكى بل وأكثر استقلالية.
وعلى سبيل المثال، يعتقد مانغ أنّ أنظمة الصواريخ «الفوق صوتية جداً» hypersonic هي التي ستُهيمن في العقدَين المقبلَين من هذا القرن. فتلك الصواريخ التي تعمل حالياً بين سرعتَي M1 و M5 أي «الفوق صوتية» / «الفوق صوتية جداً» supersonic / high supersonic، التي تُفسِح في المجال أمام تلك «الفوق صوتية المفرطة» hypersonic، وهي تلك التي ستُهيمن في العقدَين المقبلَين، حيث ستغدو الاستقلالية ذات تأثيرٍ أكبر بغية تحقيق النجاح بحراً من السطح إلى السطح، بل حتى على الشاطئ وفي أعماق البر.